وانقضت دولة الخلافة منها |
|
صار مستعصم بغير اعتصام (١) |
وأما حريق المسجد الشريف ، فكان من أول ليلة من شهر رمضان من هذه السنة المذكورة ، وكانت ليلة الجمعة ، وكان ابتداء حريقه من الزاوية الغربية من الشمال ، وذلك أن بعض الفراشين دخل إلى خزانة ثمّ ومعه نار فعلقت في آلات ثمّ وأعجزه طفيها.
ونقل جمال الدين المطري ، أنه احترق فيها (٢) ، ثم اتصلت النار في السقف بسرعة ودبت في السقوف آخذة قبلة ، فأعجلت الناس عن قطعها بعد أن نزل الأمير واجتمع معه غالب أهل المدينة ، فلم يقدروا على قطعها ، وما كان إلا ساعة حتى احترقت سقوف المسجد جميعها ، ووقع بعض أساطينه ، وذاب رصاصها واحترق سقف الحجرة الشريفة صلى الله على ساكنها وسلّم ، ووقع ما وقع منه في الحجرة وعلى القبور الشريفة ، وكان ذلك قبل أن ينام الناس ، وأصبح الناس يوم الجمعة فعزلوا موضعا للصلاة.
وكتب بذلك إلى الخليفة المستعصم بالله أبي أحمد عبد الله بن المستنصر بالله أبي جعفر المنصور ، فبعث الصناع والآلات على الموسم ، وابتدى في عمارته في أول سنة خمس وخمسين وستمائة.
فلما شرعوا في العمارة لم يجترؤا على النزول إلى القبور الشريفة المقدسة ليكنسوا ما عليها ، فكاتبوا الخليفة في ذلك ، فلم يرد في ذلك جوابا لاشتغاله بالتتار ، واستيلائهم على أعمال بغداد في تلك السنة ، فأبقوا ذلك على حاله وعمروا سقف الحجرة وما حولها إلى باب جبريل وإلى القبلة ، وسقف الروضة الشريفة إلى المنبر.
ثم كانت وقعة التتار ودخولهم بغداد في شهر المحرم أول سنة ست وخمسين ، فقتل الخليفة المذكور.
ثم وصلت الآلات من مصر فعمروا بها ، وكان المتولي عليها الملك المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك الصالحي ، ووصل أيضا
__________________
(١) انظر تمام القصيدة في «ذيل الروضتين» ص ١٩٤.
(٢) يعني ذاك الخادم.