قلّ ما يلقاك إلا |
|
بسلام واعتناق |
فإذا ولّيت عنه |
|
ثبت منه بالطلاق |
نسأل الله تعالى العافية ، وأن يذهب عنا التدابر والتحاسد والتباغض بمنّه وكرمه.
ومن أعظم حسناته ـ رحمة الله عليه ـ تربيته لأولاد الشيخ الصالح محمود العجمي الذي تقدم ذكره في ترجمة الشيخ أبي محمد البسكري ، وكان قد تزوج أختهم لأبيهم في حياة الشيخ محمود ، وكانت وفاته رحمة الله عليه سنة إحدى وخمسين وسبعمائة. فلما توفيت والدتهم لم يبق لهم أحد يكفلهم وكانوا صغارا فكفلهم وضمهم إلى عياله ، وهم عبد الرحمن (١) وعبد الرحيم (٢) وعبد اللطيف (٣) فأقرأهم القرآن حتى حفظوا ، ثم شغلهم بمذهب أبي حنيفة ، وكان أبوهم شافعيّ المذهب ، وتولى شمس الدين رحمهالله تقرئتهم وتعليمهم العلم بنفسه.
وأخبرنا ـ رحمهالله ـ أنه جمع ما ورثوه من والدهم ، ووالدتهم من الأثاث فباعه ، فكان مبلغه ثمانمائة درهم ، فكان ينفقهم من بعضها ويتّجر لهم ببعضها ، ولم يزل ينميها لهم ويوفرها عليهم ، ويتورع في مالهم حتى بلغ مالهم عشرة آلاف درهم ، وكان إذا فضل شيء من غدائهم وعشائهم يأمر بجمعه وحفظه حتى يجتمع منه كسرا يابسة ، فيجعلها لهم غدا مثل البقسماط المثرود ، ويجمع فصي تمرهم الذي يأكلونه ، فإذا اجتمع باعه وصرف ثمنه في مصالحهم.
وبلغنا أنه كان إذا أهلّ الهلال يكتال نفقتهم ، فقيل له في ذلك فقال : أخاف أن يتعلق شيء في الصاع من حبّهم فيختلط بحبنا.
فانظر إلى هذا الورع ما أحسنه وإلى ديانته وصبره ومروءته ما أحسنها!! وكان رحمهالله عفيف النفس عن التشوف للصدقات الواردة للمجاورين ،
__________________
(١) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ١٥٣ (٢٥٤٣).
(٢) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ١٦٩ (٢٥٩٧).
(٣) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ٢٠٥ (٢٧٠٥).