اخترمتهم المنية شبّانا ، منهم ولدا الشيخ أحمد الشويكي (١) وكانت أمهما زوجة الشيخ ، وكانت زوجة صالحة ، ومنهم صفي الدين ابن الشيخ محمد الكازروني (٢) ، وانتفع به أيضا الفقيه عبد السلام (٣) أخو صفي الدين ، وعبد القادر الحجار (٤) وغيرهم ، وكانت له نية صالحة ينتفع بها من يشتغل عليه ويحسن ظنه فيه ، وكان مع هذه العزلة العظيمة والانفراد عن الخليقة يؤذى بأنواع من الكلام.
ولكن صدق القائل :
ومن الذي ينجو من الناس سالما |
|
وللناس قيل بالظنون وقال |
فكانوا يرون أنه يقول بالجهة ويشيعون عنه ذلك ، ولم أسمع منه ما يدل على ذلك ، وكان صفي الدين الكازروني ممن لا يخفى عني حاله ، وكان يثنى عليه ثناء كثيرا ، وينكر أن يكون له اعتقاد يخالف اعتقاد إمامه الشافعي رضياللهعنه ، وكان إذا بلغه ما يقال عنه لا يعاتب قائله ، بل ولا يتكلم في عرضه بشيء. وكان لسان حاله ينشد :
دع الناس ما شاؤوا يقولون إنني |
|
لأكثر ما يحكى عليّ حمول |
فما كل من أغضبته أنا معتب |
|
ولا كلّ ما يروى عليّ أقول |
كان له كتب جليلة في الفقه والأصول والحديث واللغة وغير ذلك ، أوقف أكثرها بمكة المشرفة ووقف بعضها بالمدرسة الشهابية ، وأعتق عبدا ورباه وأحسن إليه. توفي رحمهالله في سنة خمس وخمسين وسبعمائة.
كان من أصحابه وأحبابه الشيخ علي السخاوي من الفقراء الجياد الملازمين للروضة المشرفة ، كان فيه تأنيس كثير لأصحابه ودعاء عظيم
__________________
(١) هو : أحمد الشويكي الشافعي. ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ١ / ١٦١ (٣٤٩).
(٢) هو : أحمد بن محمد بن أحمد الكازروني الشافعي. ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ١ / ١٥٤ (٣٠٦).
(٣) هو : عبد السلام بن أحمد بن محمد الكازروني الشافعي. ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ١٧٣ (٢٦٠٧).
(٤) هو : عبد القادر بن محمد بن علي القرشي العمري المدني ، ويعرف بالحجار. ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ١٩٥ (٢٦٨١) ، «إنباء الغمر» ٣ / ٣٥١.