التستري زوّجه ابنته ، فلم يقم معها فطلقها وتزوج أخت الفقيه محمد بن صالح (١) نائب الخطابة والإمامة ، فرزق منها ولدا صالحا قارئا متفقها. مات رحمهالله في طريق مكة بوادي الصفراء محرما بالحج في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة.
وكان من إخواننا المتّقين الصلحاء المتعبدين الموسوسين في العبادة الشيخ أسعد الرومي (٢) ، كان من كبار الأخيار ، ذا عزلة واجتهاد ، وقرأ معنا في سبع ابن سلعوس ، فكان يتبع الحروف ويرجع من حيث أوقفه النفس حتى لا يخل بشيء من القراءة ، وكان متعوبا في غسله ووضوءه ، فلما توفي غسله الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد الغرناطي وطيبه بأطيب الطيب وجهزه أحسن جهاز. توفي بالمدرسة الشهابية رحمة الله عليه.
وكان من المشايخ الكبار المشتغلين بالعلم والعمل أبو عبد الله محمد التكروري الخطيب (٣) ، كان خطيب بلد سلطان التكرور وهي بلد مالي ، وكان خطيب التكرور هذا على طريقة عظيمة من الدين والعلم والبر والصدقة ، وتفقد الإخوان وصحبة العلماء وتفقدهم ، وتعظيمهم ومحبة أولادهم. وكان رحمهالله فوق ما أصف ، ولما توفي جاء الحفارون إلى جهة قبر سيدي عثمان بن عفان رضياللهعنه ، فحفروا له في موضع معمور بالأموات منذ كانت المقبرة فانكشف لهم قبر تحت الأرض معقود فيه دكة وهو نظيف كأنه مكنوس كنسا ، فوضع فيه كأنه بيت نزيل فيه ، وتوفي رحمهالله سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة.
وكان من المشايخ الصلحاء القدماء في المجاورة بالحرمين الشريفين ، أبو فارس عبد العزيز بن زكنون التونسي (٤) ـ رحمهالله ـ ، كان رحمهالله
__________________
(١) هو : محمد بن صالح بن إسماعيل الكناني.
(٢) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ١ / ١٧٦ (٤٣٩) ، نقلا عن ابن فرحون.
(٣) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ٥٠٤ (٣٨٨٤) ، نقلا عن ابن فرحون ؛ «الدرر الكامنة» ٣ / ٤٨٧ (١٣٠٦).
(٤) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ١٨٠ ؛ ٢٦٢٨) ، نقلا عن ابن فرحون ؛ «الدرر الكامنة» ٢ / ٣٦٩ (٢٤٢٩).