الشرفاء غرموا الفقيه يعقوب شيئا بعد التضييق عليه ، فرأيت الفقيه يوسف في
المنام وهو على حالة حسنة وهو يشير إلى أخيه يعقوب كالمتشمت به.
ويقول لي : ما
عرف قدري حتى فقدني.
وخلف الفقيه
يوسف أولادا وبناتا ، كان أدينهم وأصلحهم وأكثرهم اشتغالا بالعلم وأوصلهم للرحم ،
الفقيه جمال الدين اخترمته المنية شابا ، وخلف أولادا مباركين وفقهم الله.
توفي الفقيه
يوسف رحمهالله في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، ومولده سنة إحدى وستين
وستمائة ، وتوفي ولده جمال الدين في سنة تسع وخمسين وسبعمائة رحمة الله عليهم.
وكان ممن صحبته
في الله الفقيه الفاضل المتفنن المتعبد شهاب الدين الصنعاني ، كان جلّ عمره في دمشق ثم قدم المدينة فانقطع بها
وتأهل وولد له بنت في آخر عمره ، كان ـ رحمهالله ـ كثير الصيام لا تكاد تراه مفطرا وكان ملازما للمسجد ،
وله من التصانيف عدد كثير في فنون منها في مذهب الشافعي وفي اللغة والعروض وغير
ذلك ، وتولى نيابة الحكم عن القاضي سراج الدين ، وتولى التدريس في درس الحديث
للقلانسي قبل جمال الدين المطري.
صحبته طويلا
فلم أسمعه يحلف بالله تعالى ، وأخبرني أنه على ذلك منذ عقل عقله ، ولا رأيته يخرج
مثل غيره لا عند حكومة ولا عند كلام يسمعه في عرضه ، ولا يكاد يعاتب أحدا للينه
وحسن خلقه وكثرة خيره ، وكان قد سلط عليه بعض الناس واشتغل به وهو لا ينزعج لشيء
من ذلك ، قد أمن الناس شره وبأسه رحمهالله. توفي سنة خمس وثلاثين وسبعمائة.
وكان من الشيوخ
المعدودين في زمانهم من العلماء الحكماء المجيدين ، المطلعين على علوم الأولين من
حكمة ومنطق وهندسة وفلسفة ، أبو محمد عبد الله بن حجاج المغربي الشهير بمكشوف الرأس ، لأنه كان
__________________