ذكرين ، كان خيارهما حسين (١) ، نشأ في خير واشتغل بالعلم وولي وظيفة والده في الأذان ، وكان صيتا حسن الأذان حسن العشرة والمداراة فعاش في الناس بعقله ، ثم توفي وخلف أولادا صغارا لطف الله بهم.
وأما الولد الآخر فتغرب وامتحن في الشام بمحنة قطعت فيها يده وكان بريئا ، وكان من أعقل الناس وأشغلهم بنفسه وتدبير بيته ، وكان صيتا مؤذنا مجتهدا ، خلف ولدين صالحين مباركين صيتين ، توفي بالشام زمن الطاعون رحمهالله.
ومنهم الفقيه عبد الرحمن بن ياقوت (٢) وقد تقدم ذكره في ترجمة الشيخ شرف الدين الخزنداري عفا الله عنه.
وكان من أبناء المجاورين ورؤوساء الناس وصدور الفقهاء ، الإمام العلامة يوسف بن جمال القرشي الهاشمي ، كان فقيها رئيسا محصلا لعلوم شتى ، رحل إلى العراق فتفقه بها على مذهب الإمام الشافعي رضياللهعنه ، وأدرك بها شيوخا أئمة في العلم فأخذ عنهم وانتفع بهم ، وكسب كتبا جليلة في كل علم ، وكسب مالا ونخيلا ودورا. وكان ذا عيال كثيرة ونفقة غير مقدرة فأفنى جل ماله في حياته ، وباع أكثر كتبه في المدينة ، وبعث منها كثيرا إلى الشام فبيع بها.
وكان أخوه الشيخ العلامة علم الدين يعقوب (٣) فيه رئاسة وحفظ للمنصب والنسب ، فولي القضاء بالمدينة كما سيأتي ذكره ، وجرى بينهما من التحاسد والتباغض ما لم يجر بين أحد من الإخوان ، وسرى ذلك في عقبهم حتى تلف حالهم وافترقت كلمتهم وطمع فيهم عدوهم ، فصدق رسول الله صلىاللهعليهوسلم حيث قال : «إياكم والبغضة فإنها الحالقة» (٤).
وتوفي الفقيه يوسف في حياة أخيه يعقوب ، فجفا أيتام أخيه. ثم إن
__________________
(١) هو : الحسين بن الحسن بن قاسم القطان المؤذن. ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ١ / ٢٩١ (٩٧٨).
(٢) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ١٥٧ (٢٥٦٧).
(٣) ترجمته في : «المغانم المطابة» الورقة ٢٧٠ / أ، «الدرر الكامنة» ٤ / ٤٣٤ (١٢٠٨).
(٤) رواه الإمام مالك في «الموطأ» ، باب «حسن الخلق» ص ٦٩٣ ، الحديث ١٦٧٦.