مخنوقا. وجملة ما ضاع له تسعة آلاف درهم ومائة درهم ، وذلك بعد قضية العفيف بخمسين يوما.
ثم خرج الأمير من المدينة إلى العرب ، فلم يحل عليه الحول حتى قتل في شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين ، وذكر من حضر الواقعة أن أصحابه انهزموا وتركوه في المعركة غير مدفون ، وذكر لي السيد سلطان بن محارد ، أنّ امرأة كان قتل ثابت ولدها فنذرت أنها متى ظفرت بجيفته ، لتأخذنّ عظما من عظامه فتجعله خلالا لمنسجها تضرب به عند النسج مفتول الصوف ، فلما توفي لم تزل تطلب جيفته حتى وقعت بها ، فأخذت من عظامه عظاما ، فأوفت بنذرها وجعلته بيدها تتشفّى به ، حتى دخل عليها وسئلت تركه فتركته بعد حين.
ثم إن الشيخ عفيف الدين اشترى كتبه من الوزير المذكور وعوضه خيرا مما ذهب له ، ومات رحمهالله عن غير عقب في سنة خمس وستين وسبعمائة ، وكان مولده سنة ثمان وتسعين وستمائة.
وكان منهم الفقيه محمد بن إبراهيم المؤذن ، وقد تقدم ذكره في مواضع متعددة ؛ كان رحمهالله من أدين الناس وألينهم عريكة وأحسنهم مخالطة ، لو دعاه أصغر الناس إلى بيته أو نخله ذهب معه ، وكان إذا جلس مجلسا عمره بالذكر والمدح ، وكان إذا طلع المأذنة وتكلم فيها يوجد على كلامه روح ، وكان ـ رحمهالله ـ لا يزال متبسما وهو مبهدل في لباسه وحركاته ، يحب الفقراء ويخدمهم ويقضي حوائجهم ، وكان أمين الحكم في أيام القاضي سراج الدين. توفي رحمهالله سنة تسع وعشرين وسبعمائة.
وأعقب ولده أبا محمد عبد الله (١) ، كان من أحبابنا وأصحابنا بل من أولادنا ، وجدنا منه برا عظيما وأدبا كثيرا ، وكان له وجاهة عند أمراء المدينة آل جماز فنفع كثيرا من الناس بشفاعته ، وكان محببا إلى الناس لما احتوى عليه من حسن السيرة وصفاء السّريرة ، وكان بينه وبين أخويّ خصوصا أخي محمدا ملائمة عظيمة ، ومحبة أكيدة لا يكاد ينشرح إلا
__________________
(١) تقدم ذكر مصادر ترجمته.