فقال له الشيخ : لست لي تلميذا ، شيخك أمامك!
قال له : يا سيدي فأين أطلبه؟.
قال : هو في ناحية المغرب.
فقال له : يا سيدي لست أعرفه!
فقال : هو يعرفك فاعزم على السفر.
قال الشيخ نجم الدين : فودعت الشيخ وقصدت البلاد أطوفها وكل شيخ أسمع به أقصده وأزوره ، وكل زاوية أسمع بها أقصدها ، فلم أظفر بقصدي ، فبينا أنا متوجه إلى مصر في موضع يقال له : الرمل ، وقد أضرّ بي العطش وآيست من نفسي ، فملت من الطريق إلى شجرة وحفرت لنفسي حفرة لأرقد فيها ، فإذا أنا بشيخ قد ظهر لي من عرض البرية وبيده ركوة فيها ماء فوقف عليّ ، وقال : يا عبد الله أنت عطشان؟
فقلت : نعم يا سيدي.
فقال : اشرب ، فشربت حتى رويت وحمدت الله تعالى.
فقال لي : الحق بي إلى مصر. وغاب عني : فسرت إلى مصر ، فلما دخلت القاهرة قصدني أهل خانقاه سعيد السعداء فسألوني النزول عندهم فوافقتهم على ذلك ، ثم إني لم أقم عندهم إلا قليلا حتى قيل ورد شيخ من الإسكندرية يقال له : الشيخ أبو العباس المرسي (١) تلميذ الشيخ أبي الحسن الشاذلي (٢) ، وهو شيخ الشيخ تاج الدين أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله (٣).
__________________
(١) تقدمت ترجمته.
(٢) هو : الشريف تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار المغربي الشاذلي ، شيخ الطائفة الشاذلية ، صحب الشيخ نجم الدين الأصبهاني. قال عنه ابن دقيق العيد : «ما رأيت أعرف بالله منه». توفي وهو في طريقه للحج بصحراء عيذاب ، وبها دفن سنة ست وخمسين وستمائة. ترجمته في : «شذرات الذهب» ٧ / ٤٨١ ، «حسن المحاضرة» ١ / ٥٢٠ (٤١).
(٣) هو : تاج الدين أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله الإسكندراني الشاذلي ، صحب الشيخ أبا العباس المرسي وصنف في مناقبه ومناقب شيخه أبي الحسن الشاذلي. قال عنه الذهبي : «كانت له جلالة عجيبة ووقع في النفوس ومشاركة في الفضائل». توفي سنة تسع وسبعمائة ، ودفن بالقرافة. ترجمته في : «شذرات الذهب» ٨ / ٣٦ ، «الدرر الكامنة» ١ / ٢٧٣ (٧٠٠).