أحد ، ولا حول القبر نبش ولا أثر ، وقد زال التراب الذي دفن به القبر حتى
انكشف اللبن وليس للتراب أثر ، ولا عنه خبر وقد خلا من عند رأسه ثلاث لبنات لا غير
، ووقفت على القبر مع القاضي جمال الدين المطري لما شاع في المدينة خبره ، وقيل : أصبح قبر ابن هيلان
خاليا منه ليس فيه ، فأمر القاضي جمال الدين المطري أبا قميص حفار القبور بأن ينزل
ويجس اللحد ، فهاب والناس حول القبر يأتون من المدينة أرسالا أرسالا ، ثم دخل أبو
قميص بعد العزيمة عليه فنظر وفتش فلم يجد شيئا ، فأدخل عمودا كان بيده وجس به
القبر ذاهبا وآيبا فلم يجد شيئا ألبتّة ، ونزل غيره وفعل كفعله فلم يجد الآخر شيئا!!
وكان ذلك آية من آيات الله تعالى ، فلما كثر خروج الناس واشتهر أمره أمر يوسف
الرومي الوزير يومئذ بدفنه فدفن القبر ، نسأل الله حسن الخاتمة.
وقال لي الشيخ
محمد بن إبراهيم المؤذن : عن رجل صالح كان يدفن موتى المدينة وقد طال في تلك
الحرفة عمره. قال : قلت له : هل رأيت يا سيدي من أعجوبة في هذا البقيع؟
فقال : لم أر
إلا الخير ، إلا أنني حملت ميتا في أيام الحج ولم أجد من يساعدني عليه غير رجل
واحد حملته معه ووضعناه في اللحد ، ثم ذهب صاحبي وتركني فذهبت أحمل اللبن لأجل
لحده ، فلما جئت به لم أجد الميت في لحده فذهبت وتركت القبر على حاله!!
وكان في الرباط
المذكور من الرجال المنقطعين عن هذه الدار الشيخ قاسم التكروري كان ملازما للسياحة في الجبال والبرية لا يأتي إلا من
جمعة إلى جمعة يقتات بالبقول ، ويتتبع مجتمعات الماء التي يربى فيها الحوت كنفج
والسدّ وغيرهما ، فيصيد منه شيئا ويقتات منه ، وشيئا يهديه
__________________