له عقب أولاد صلحاء ، وذرّية فقهاء ، انتفع بهم أهل زمانهم أكبرهم اليوم الشّيخ عبد الله ، محب في خدمة الفقراء مسارع إلى قضاء حوائج الإخوان محبب إلى الناس ، ثم الفقيه الفاضل العالم النبيه تاج الدين عبد الواحد (١) ، اشتغل اشتغالا كثيرا وتفنن في علوم عديدة ، وأفاد دروسا وجلس في مجلس شيخه الشيخ عبد السلام (٢) بعد وفاته ، فانتفع به الطلبة.
توفي الشخ عمر رحمهالله في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة.
وكان من الشيوخ المعمرين في المدرسة الشيرازية الشيخ إبراهيم العريان (٣) رحمهالله ، كان كاسمه عريانا أبدا صيفا وشتاء على قدم التجرد ، في وسطه بلاس وعلى رأسه قبع صوف ، وكان أصله من الروم ، فأقام بالمدينة فوق خمسين سنة على طريقة حسنة مستقرا في المدرسة المذكورة ، عاش على ذلك حتى بلغ حدّا اشتهر فيه بين الناس وأهل البلاد ، فصار مقصودا مشهورا له في المدينة آثار حسنة أكثرها في المدرسة ولولاه لسقطت طبقاتها. أقام فيها تلك الأساطين حتى حملت السقف والرواشين ، وكانت المدرسة مختومة في أيامه لا يدخلها ولا يسكنها إلا الأخيار من الناس ، اشترى نخلا وأوقفه واجتهد في عمارته بنفسه وماله ، صحبته من المدينة إلى مكة رحمهالله ، وكان لا يعاشر إلا بالملاطفة لقوة أخلاقه رحمهالله. توفي بالمدينة سنة ثلاثين وسبعمائة.
ثم خلف الشيخ إبراهيم في المدرسة الشيخ سليمان الونشريسي (٤) من أصحابنا الكبار ، له مجاهدة وتوجه عظيم ومكاشفة في كل حين ، ومتى شكى عليه من شدة أو خوف اشتغل خاطره بتفريجها ، وأطلعه الله في المنام
__________________
(١) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ٢١٩ (٢٧٦٢) ، وذكر السخاوي في ترجمته أن ابن حجر العسقلاني ترجمه في «أنباء الغمر» لكنه ليس هو ، بل ذاك عبد الواحد بن عمر الحكار ، فليتنبه.
(٢) هو : عبد السلام بن سعيد بن محمد بن عبد الغالب المغربي المالكي. ترجمته في :«التحفة اللطيفة» ٢ / ١٧١ (٢٦٠٤).
(٣) هو : إبراهيم بن عبد الرومي. ذكره في : «التحفة اللطيفة» ١ / ٩٣ (١٤٩) ، نقلا عن ابن فرحون ؛ «المغانم المطابة» الورقة ٢٣١ / ب.
(٤) ذكره في : «التحفة اللطيفة» ١ / ٤٢٤ (١٦٥٤) ، نقلا عن ابن فرحون