وكان من حالهم وخصالهم الحميدة أنهم يتفقدون المساجد المشهورة فيعمرونها ويساعدهم عليها الخدام بأنفسهم وخدمهم وأطعماتهم ويجعلونها نزاهات ، وهي في الحقيقة عبادات.
كانوا إذا نزل الغيث وأصاب أحدا يخرجون إلى سيدنا السيد حمزة عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيبيتون عنده في القبة في صلاة وعبادة وذكر ، يجتمع معهم جلّ الخدام والمجاورين ورؤساء المؤذنين وفضلاء المدرسين ، وعامة الناس أجمعين من فقير ومجاور أو مديني يكون لهم خادم ، حتى إنه لم يبق في المدينة من أهلها إلا القليل فيخرج كل جماعة بما يقدرون عليه من الطعام الفاخر وغير الفاخر ، ويأتون الخدام بأنواع من الحلوى والأطعمة الملونة فتكون ليلتهم في الذكر والعبادة تعدل ألف ليلة لما اشتملت عليه من خيرات الدنيا والآخرة.
وكان جماعة الفقراء وشيوخهم الشيخ علي وأخوه الشيخ محمد الخرازان ، يحملون معهم القرب يظن الناس أنها ماء ، وهي ملأى من طبيخ الأرز والبسلا يعدونه للفقراء الذين يتبعونهم ويخرجون معهم ، ثم يلحقهم مددهم ممن تأخر عنهم في صبيحة ليلتهم ، فإذا أصبحوا وصلّوا الصبح سرحوا إلى الجبل فطلعوا فيه جماعات جماعات ، ولهم في الجبل مقامات يجلسون فيها فمنها موضع للطعام ، ومنها موضع في وسط الجبل متسع تمد فيه الحلوى والأطعمة المحلاة ، ومنها موضع بعده يمدون فيه أنواعا من المحمضات والحريفات حتى إذا انتهوا إلى رأس الجبل ، صلوا في تلك المساجد واجتمعوا لقراءة القرآن والدعاء والذكر ، وكان لمحمد بن إبراهيم في تلك المواضع عمل عظيم وتذكير كثير فتراهم يبكون ويتواجدون وتظهر عليهم آثار الرحمة وذكر الله لهم فيمن عنده رحمهمالله.
ثم بعد ذلك ينزلون إلى عند المهراس ، فيفرقون ما بقي معهم ويمدونه للفقراء للذين يتبعونهم حتى إن الطعام ليبقى ليس له آكل ، ويرجعون إلى المدينة على خير رجعة بقلوب صافية وأخوّة متزايدة وشوق إلى مثل ذلك الاجتماع.
وكان معهم من الكبار مثل الشيخ عبد الواحد الجزولي المتقدم ذكره ،