فإن كان منهم في المدينة سكنها وهو أولى من غيره ، فإن سافر أو مات رجعت
إلى الفقراء المجردين حكمها حكم الرباط ومجاور لها.
ووقفت على ورقة
الوقفية ورأيت فيها من الشروط ما ذكرت ، وإنما ذكرت ذلك وإن لم يكن مما نحن فيه ،
لأن بعض الناس وضع يده على هذه الدار وسكن فيها نحو عشرين سنة منفردا بشبهة أنه
عتيق لعتقاء الواقف ، فظهر كتاب الوقف في هذه السنة وهي سنة سبع وستين وسبعمائة ،
فانتزعت الدار من يده وأعيدت إلى شرط الواقف.
توفي صفي الدين
ـ رحمهالله ـ بالمدينة النبوية ودفن بالبقيع إلى جنب قبة سيدنا
إبراهيم ابن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حدود خمس عشرة وسبعمائة.
وكان من أخص
الناس بالشيخ صفي الدين السّلامي ، الشيخ محمد الكازروني ، انتفع بصحبته وانتفع الشيخ به وبمساعدته في إنشاء
الربط وعمارتها ، وكان الشيخ محمد يحكي عن الشيخ غرائب من المقامات الجليلة
والخصال الحميدة ، واقتبس الشيخ محمد من بركته ومن دعائه حتى وجد أثر ذلك في
أولاده ، فرزق ذرية صالحين منهم الولد الصالح صفي الدين أحمد قد نال الدرجة العليا في الصّلاح والدين ، والعلم
المتين ، وكان لي كالولد البار تغمده الله برحمته ، فما كان أحسن خصاله الحميدة
وأخلاقه السعيدة ، وآرائه الرّشيدة ، جمعنا الله وإياه في فسيح الجنان وجوار
الرحمن ببركة هذا النبي عليه الصّلاة والسّلام.
وسيأتي شيء من
محاسنه ومحاسن أخيه عز الدين حماه الله تعالى بعد هذا.
صحبت الشيخ
محمدا حضرا وسفرا ماشيا وراكبا ، فما رأيت من الأصحاب مثله في سعة خلقه وطول صبره
، وحسن عشرته وطيب نفسه في إنفاقه ، وحسن ظنه في رفاقه ولو كانوا قطاع طريق.
__________________