كان على قدم أي قدم من الصيام والقيام وإطعام الطعام ، وكثرة الإحسان للإخوان ، وتفقد المجاورين والمساكين ، جاورناه فوق عشرين سنة ، فما رأيت مثله لا يعلم ما الناس فيه ، ولا يسئل عما لا يعنيه رحمهالله ونفعنا به.
كان بيته قلّ أن يخلو من الطعام الفاخر ، لكل وارد وصادر ، قد اشتهر بورعه وصلاحه وخيره في أقطار الأرض ، حتى إنه ليقال : من في المدينة يزار بعد النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه؟ فيقال : الشيخ أبو بكر الشيرازي وكفى به ، وقد تقدم شيء من ذكره قبل هذا ، توفي رحمهالله في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة.
وكان من أصحابه وألزامه الشيخ أحمد الششتري (١) ، لزمه وقام بخدمته وولده شمس الدين من بعده ، فاكتسبا من آدابه ، وتخلقا بأخلاقه ، كان الشيخ أحمد ـ رحمهالله ـ من الرجال الملازمين للسكينة والوقار ، المحبين في الفقراء والمساكين ، وأهل الصّلاح والدين ، ملازم الصف الأول ، ويدخل المسجد في الوقت الأول ، وكان مع أهله في بيته على خلق أهل الخير ، لا يبيت على معلوم ، ولا كان في غير حق الله يقوم.
ثم لحقه في خلقه وخلق الشيخ أبي بكر ولده شمس الدين محمد (٢) بن أحمد الششتري على خير وعفّة وصلاح ، باشتغال بالعلم وسماع الحديث ، رحمهالله سافر وارتحل ، وله حسنة عظيمة رباط بالقرب من المسجد الشريف ، هو عشّ الصالحين ، نفع الله به ، وله في المدينة آثار حسنة ، ومعالم مستحسنة ، توفي الشيخ أحمد رحمهالله سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.
وكان من أهل الرباط المذكور السيد أحمد الخراساني (٣) ، كان آية من
__________________
(١) هو : أحمد بن عثمان بن عبد الغني الششتري. ذكره في : «التحفة اللطيفة» ١ / ١٦٣ (٣٥٩) ، نقلا عن ابن فرحون
(٢) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ٤٢٠ (٣٦١٥) ، «الدرر الكامنة» ٣ / ٣٣٨ (٨٩٦).
(٣) هو : أحمد الشريف الخراساني المعجمي المقرئ ، كذا ذكره السخاوي في : «التحفة اللطيفة» ١ / ١٦٣ (٣٥٧).