قد) ، وبذلك فسر قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) [الإنسان : ١] ، قال جماعة : قد أتى (وأنكره قوم) آخرهم أبو حيان وقال : لم يقم على ذلك دليل واضح ، إنما هو شيء قاله المفسرون في الآية ، وهذا تفسير معنى لا تفسير إعراب ، ولا يرجع إليهم في مثل هذا إنما يرجع في ذلك إلى أئمة النحو واللغة لا إلى المفسرين.
(وقال الزمخشري) في «المفصل» (والسكاكي) في «المفتاح» : أبلغ من هذه الدعوى (هو) أي : معنى قد (معناها أبدا ، والاستفهام المفهوم منها) إنما هو (من همزة مقدرة) معها.
قال ابن هشام : ونقله عن سيبويه وعبارته في «المفصل» : وعند سيبويه أن (هل) بمعنى (قد) ، إلا أنهم تركوا الألف قبلها ؛ لأنها لا تقع إلا في الاستفهام ، وقد جاء دخولها عليها في قوله :
١٣٦١ ـ سائل فوارس يربوع بشدّتنا |
|
أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم |
انتهى.
قال ابن هشام : ولو كان كما ذكر لم تدخل إلا على الفعل كقد ، قال : ولم أر في «كتاب سيبويه» ما نقله عنه ، إنما قال في باب عدة ما يكون عليه الكلم ما نصه : وهل هي للاستفهام ، لم يزد على ذلك ، وقال أبو حيان : وفي «الإفصاح» ذكر جماعة من النحويين وأهل اللغة أن (هل) تكون بمعنى (قد) مجردة من الاستفهام ، وربما فسروا بذلك قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) [الإنسان : ١] ، وأرى هذا القول مأخوذا من قول سيبويه ، وتقول : قعد أم هل قام هي بمنزلة (قد) ، فقيل : أراد أنها بمنزلة (قد) في الأصل ، وقال أبو حيان في موضع آخر : زعموا أن (هل) بمنزلة (قد) ، ولا يتأتى ذلك إلا إذا دخلت على الجملة الفعلية المثبتة ، أما إذا دخلت على الجملة الاسمية فلا تكون إذ ذاك بمعنى قد ؛ لأن (قد) لا تدخل على الجملة الاسمية.
(و) قال (ابن مالك : تتعين له إذا قرنت بالهمزة) كالبيت السابق ، قال أبو حيان : ولا
__________________
١٣٦١ ـ البيت من البسيط ، وهو لزيد الخيل في ديوانه ص ١٥٥ ، والجنى الداني ص ٣٤٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٧٢ ، وشرح المفصل ٨ / ١٥٢ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٣٨٥ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٤٢٧ ، ٧ / ٥٥ ، وتذكرة النحاة ص ٧٨ ؛ وجواهر الأدب ص ٢٨١ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٦١ ، ٢٦٣ ، ٢٦٦ ، والخصائص ٢ / ٤٦٣ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٣٨.