وبعد اسم كان نحو : كان عبد الله إذن يكرمك ، ووافق الفراء الكسائي في إن وخالفه في كان فأوجب الرفع ، ونص الفراء على تعين الرفع بعد ظن نحو : ظننت زيدا إذن يكرمك ، قال أبو حيان : وقياس قول الكسائي جواز النصب أيضا.
وإن وليت عاطفا قلّ النصب ، والأكثر في لسان العرب إلغاؤها قال تعالى : (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسراء : ٧٦] ، (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) [النساء : ٥٣] ، وقرئ شاذا لا يلبثوا ولا يؤتوا فمن ألغى راعى تقدم حرف العطف ، ومن أعمل راعى كون ما بعد العاطف جملة مستأنفة.
وإلغاء (إذن) مع اجتماع الشروط لغة لبعض العرب حكاها عيسى بن عمر ، وتلقاها البصريون بالقبول ووافقهم ثعلب ، وخالف سائر الكوفيين فلم يجر أحد منهم الرفع بعدها ، قال أبو حيان : ورواية الثقة مقبولة ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ إلا أنها لغة نادرة جدا ، ولذلك أنكرها الكسائي والفراء على اتساع حفظهما وأخذهما بالشاذ والقليل.
ونواصب المضارع لا يجوز أن يحذف معمولها وتبقى هي لا اقتصارا ولا اختصارا ، فلو قيل : أتريد أن تخرج؟ لم يجز أن تجيب بقولك : (أريد أن) ، وتحذف (أخرج) ، وأجازه بعض المغاربة مستدلا بما وقع في صحيح البخاري : «فيذهب كيما يسجد ، فيعود ظهره طبقا واحدا» (١) ، يريد كيما يسجد ، قال : وهذا كقولهم : جئت ولما ، قال أبو حيان : وليس مثله ؛ لأن حذف الفعل بعد لما للدليل جائز منقول في فصيح الكلام ، ولم ينقل من نحو هذا شيء من كلام العرب.
لام الجحود
(ص) مسألة تنصب (أن) مضمرة لزوما بعد لام الجحود المؤكدة ، وليست لام كي على الصحيح ، وهي المسبوقة بكون ماض لفظا أو معنى منفي بما أو لم ، قيل : أو أخوات كان ، قيل : أو ظن ، قيل : أو كل فعل ، وحذف الخبر معها حتم غالبا ، وزعم
__________________
ـ ٢ / ٢٣٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٧٠ ، وشرح المفصل ٧ / ١٧ ، ولسان العرب ٤ / ٤٠٨ ، مادة (شطر) ، ومغني اللبيب ١ / ٢٢ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٦٤.
(١) أخرجه البخاري ، كتاب التوحيد ، باب قول الله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) (٧٤٤٠).