وضعف بأن إضمار حرف الجر وإبقاء عمله إنما يكون في ضرورة أو شذوذ ، فإن فصل نصب حملا على الاستفهامية كقوله :
٩٨٧ ـ كم نالني منهم فضلا على عدم
وربما ينصب غير مفصول روي (كم عمة لك) البيت بالنصب ، وذكر بعضهم أن النصب بلا فصل لغة تميم ، وذكره سيبويه عن بعض العرب قال أبو حيان : وهي لغة قليلة ، وإذا نصب بفصل أو بغير فصل جاز كونه أيضا مفردا أو جمعا ، كما إذا جر هذا مذهب الجمهور ، وذهب الأستاذ أبو علي وابن هشام الخضراوي إلى أنها إذا نصب تمييزها التزم فيه الإفراد ؛ لأن العرب التزمته في كل تمييز منصوب عن عدد أو كناية ككم الاستفهامية وكأيّن وكذا ، وردّ بأن ذلك فيما يجب نصبه لا فيما يجوز نصبه وجره.
وهل يجوز جره مع الفصل بظرف أو مجرور؟ مذاهب :
أصحها : لا ؛ لما فيه من الفصل بين المتضايفين ، وذلك ممنوع إلا في ضرورة نحو :
٩٨٨ ـ كم بجود مقرف نال العلى |
|
وكريم بخله قد وضعه |
والثاني : نعم ، وعليه الكوفيون بناء على رأيهم أن الجر بمن مضمرة ، ويونس بناء على رأيه من جواز الفصل بين المتضايفين في الاختيار بذلك.
والثالث : الجواز إن كان الظرف أو المجرور ناقصا نحو : كم بك مأخوذ أتاني ، وكم اليوم جائع جاءني ، والمنع إن كان تاما ، ورد بأن العرب لم تفرق بين الظرف التام والناقص في الفصل ، بل تجريهما مجرى واحدا ، فإن كان الفصل بجملة لم يجز الجر في كلام ولا في شعر عند البصريين ؛ لأن الفصل بالجملة بين المتضايفين لا يجوز البتة ،
__________________
٩٨٧ ـ البيت من البسيط ، وهو للقطامي في ديوانه ص ٣٠ ، وخزانة الأدب ٦ / ٤٧٧ ، ٤٧٨ ، ٤٨٣ ، وشرح المفصل ٤ / ١٣١ ، والكتاب ٢ / ١٦٥ ، واللمع ص ٢٢٧ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٢٩٨ ، ٤ / ٤٩٤ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١ / ٢٨٣ ، والإنصاف ١ / ٣٠٥ ، وخزانة الأدب ٦ / ٤٦٩ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٣٦ ، ٤ / ٨٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٣٥ ، والمقتضب ٣ / ٦٠ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٠٧.
٩٨٨ ـ البيت من الرمل ، وهو لأنس بن زنيم في ديوانه ص ١١٣ ، وخزانة الأدب ٦ / ٤٧١ ، وشرح شواهد الشافية ص ٥٣ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٩٣ ، ولعبد الله بن كريز في الحماسة البصرية ٢ / ١٠ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٣٠٣ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٠ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٣٥ ، ٤ / ٨٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٣٤ ، وشرح المفصل ٤ / ١٣٢ ، والكتاب ٢ / ١٦٧ ، والمقتضب ٣ / ٦١ ، والمقرب ١ / ٣١٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٠٠.