فلو فارسيّ الفنّ غامرك اغتدى |
|
لنحوك يسعى وهو في زيّ راجل |
عدمناك شيخا كم جلا من علومه |
|
عقائل صينت بعده في معاقل |
وكم جاء في فنّ الخليل بن أحمد |
|
بأحمد أقوال أتت بالفواصل |
لئن نال أسباب السماء بعلمه |
|
فأوتاده في المجد غير مزايل |
وأدمعنا بحر مديد وحزننا |
|
طويل لبحر وافر الجود كامل |
وكان أبا للطالبين يريهم |
|
فواضله مقرونة بالفضائل |
نصيحا لطلّاب العلوم جميعهم |
|
فلم يأل جهدا عند تعليم جاهل |
يحرّر في علم ابن إدريس للورى |
|
دروسا تولّى حملها خير حامل |
ويرشد بالتهذيب طلّاب علمه |
|
فينظر منهم كاملا بعد كامل |
ولا يرتئي في شكره غير حاسد |
|
ولا يمتري في علمه غير ناكل |
يجود بأنواع الفضائل جهرة |
|
ويجهد في إخفائها للفواضل |
هو البحر علما بل هو البحر في ندى |
|
لقد مرج البحرين منه لآمل |
وإنّ ابن رفعة لو تقدّم عصره |
|
طوى نحوه البيداء سير المحامل |
ولو شاهد القفّال يوما دروسه |
|
لما كان يوما عن حماه بقافل |
ترنّم في أمداحه كلّ صادق |
|
فأطرب في إنشادها سمع ذاهل |
سأبكيه بالدّرّين دمع ومنطق |
|
لبحرين من علم وبرّ حواصل |
لقد هجرت صاد المناصب نفسه |
|
كما هجرت راء الهجا نفس واصل |
تنزّه عنها وهي لا تستفزّه |
|
بزخرفها الخدّاع خدع المجامل |
وما مدّ عينا نحوها إذ تبرّجت |
|
تبرّج حسناء الحلى في الغلائل |
ويلقاك بالترحيب والبشر دائما |
|
فلم تره إلّا كريم الشمائل |
صفت منه أخلاق لقاصده كما |
|
صفا منه للعافين شرب المناهل |
أعزّى محاريب العلا بإمامها |
|
وإن كان مأموما بأعظم نازل |
أعزّي دروس الفقه بعد دروسها |
|
لتصديرهمّ من بعده كلّ خامل |
فقل لحسود لا يسدّ مكانه |
|
سيفضحك التخجيل بين المحافل |
بحقّ حوى عبد الرّحيم سيادة |
|
وأعداؤها كم حاولوها بباطل |
تطاول قوم كي يحلّوا محلّه |
|
فما ظفروا ممّا تمنّوا بطائل |
أتمتدّ نحو النجم راحة قاصر |
|
وأين الثريّا من يد المتناول! |
ومن رام في الإقراء عالي شأنه |
|
فذلك عند النّاس ليس بعاقل |
أحلّ جمال الدين في الخلد ربّه |
|
ليحظى بعفو منه شاف وشامل |
وروّاه مولاه الرّحيم برحمة |
|
يحيّيه منها هاطل بعد هاطل |