من قمة جبل عرفات استطعت إحصاء ، حوالى ثلاثة آلاف خيمة كانت منتشرة فى سائر أنحاء السهل ، كان ثلثا هذا العدد من الخيام خاص بالحجاج وقوافلهم ، ولحاشية محمد على باشا وجنوده ، أما الثلث المتبقى فكان يخص عرب الشريف ، والحجاج البدو ، وأهل مكة وجدة. هذه الجماهير الحاشدة كان القسم الأكبر منها بلا خيام مثلى تماما. كانت القافلتان قد خيمتا بلا نظام إلى حد بعيد ، هذا يعنى أن كل جماعة من الحجاج أو الجنود كانت قد نصبت خيامها على شكل دوائر كبيرة أو على شكل دواوير ، وضعوا إبلهم فى منتصفها. كان السهل يحتوى على ما بين عشرين ألف جمل وخمسة وعشرين ألفا ، منتشرة فى أجزاء مختلفة ؛ كان من بين هذا العدد حوالى اثنى عشر ألف جمل تابعة لقافلة الحج السورية ، وحوالى خمسة آلاف جمل أو ستة آلاف تابعة لقافلة الحج المصرية ، إضافة إلى ثلاثة آلاف جمل أخرى اشتراها محمد على باشا من البدو فى الصحراء السورية ، وأحضرها إلى مكة مع قافلة الحج المصرية ، لنقل الحجاج إلى هذا المكان ، قبل استعمالها فى نقل مؤن الجيش إلى الطائف.
كانت قافلة الحج السورى مخيمة على الجانب الجنوبى الغربى من الجبل ، فى حين كانت قافلة الحج المصرى مخيمة على الجانب الجنوبى الشرقى من الجبل نفسه. كانت قوات البدو مخيمة حول منزل الشريف يحيى ، وبجوار هذا المنزل كان أهل الحجاز مخيمين. كانت قافلتا اليمن قد اعتادتا التخييم فى هذا المكان وتجعلان منه محطة لهما. كان لمحمد على باشا ، هو وسليمان باشا دمشق ، ومعهما ضباط عدة ، خيام غاية فى الروعة والجمال ، ولكن أجمل جميلات تلك الخيام كانت خيمة زوجة محمد على باشا ، أو إن شئت فقل : أم طوسون باشا وإبراهيم باشا ، التى كانت قد وصلت مؤخرا قادمة من القاهرة لأداء فريضة الحج ، وبصحبتها معدات ومستلزمات ملكية بحق وحقيقة ، واستلزم الأمر استعمال خمسمائة جمل لنقل أمتعتها من جدة إلى