للحكومة الوهابية ، لكنها تعد أهم المناطق الداخلية فى الجزيرة العربية ، وسبب ذلك هو خصوبة نجد وعدد سكانها ، ووضعها المركزى المهم وسهولة الاتصال بينها وبين المناطق الأخرى. ونحن إن أردنا أن نتعرف على البدو تعرفا حقيقيا ، فإن ذلك يحتم دراسة هؤلاء البدو فى نجد ، الذين لم تتغير سلوكياتهم بسبب الغزو ، ولا يزالون يحتفظون بتميزهم الخاص بهم ؛ هؤلاء البدو لم يتأثروا مطلقا أو يتلوثوا بفعل تدفق الأغراب عليهم ، ومع ذلك لا يمر بنجد قوافل أخرى غير قافلة الحج القادمة من بغداد. وأنا لهذا السبب أعتبر نجد والجبال التى بين الطائف وصنعاء أهم أجزاء الجزيرة العربية ، باعتبارها هى التى تثير الكثير من التساؤلات لدى المسافر أو الرحال ، دونا عن سائر أنحاء الجزيرة العربية الأخرى.
اعتبارا من الدّرعية ، وفى اتجاه الشرق صوب الخليج الفارسى يطلق الناس على هذه المنطقة اسم سدير ، وهى تمتد أيضا على حدود منطقة الأحساء ، التى تبعد مسير ستة أيام عن الدرعية ، منها ثلاثة أيام بلا ماء. منطقة الأحساء ، شهيرة بكثرة آبارها ، وهى تمتد مسافة يقدر طولها بمسير يومين محاذية لساحل البحر الذى تبعد عنه حوالى خمسين ميلا أو ستين ميلا نحو الداخل. يصل عرض الأحساء إلى ما يقرب من خمسة وثلاثين ميلا. وفرة الماء تمكن العرب من زراعة البرسيم ، الذى يستخدم فى تغذية أفضل الخيول. والرئيس الوهابى يرسل خيوله كل موسم إلى هذا المكان.
مدينة الأحساء (التى بناها القرامطة فى القرن العاشر) مزدحمة بالسكان ، فيها آبار وأبراج ، وقد جرى تحصينها دفاعيا فى وجه باشا بغداد فى عام ١٧٩٧ م وهى تعد معقلا مهما من معاقل الوهابيين ، يزاد على ذلك أن رئيس الوهابيين يحصل من الأحساء على القسم الأكبر من دخله. الميناء البحرى لها هو العقير التى هى عبارة عن بلدة صغيرة على الخليج الفارسى ، ويتردد عليها عرب مسقط والقواسم. والعباءات الصوفية التى تصنع فى الأحساء عليها طلب كبير فى سائر أنحاء الجزيرة العربية وبلاد الرافدين ، وتباع الواحدة منها ما بين عشر دولارات وخمسين دولارا للعباءة الواحدة.