الأغراض فى بلادهم. هذا يعنى أن المتاعب والمشاق التى يكابدها الحجاج أثناء السفر ، تجعل من هذه الفترة فترة تمتع بين أهل الشرق كما هو الحال عند الأوروبيين ، يضاف إلى ذلك أن وجودهم فى مكة يولّد السعادة فى داخلهم ، فى حين تزيد قراءة القرآن ، هى والتدخين فى الشوارع أو المقاهى ، وكذلك الصلاة وتجاذب أطراف الحديث داخل الحرم المكى ، كل ذلك يزيد من تفاخر الحجاج بقربهم من بيت الله الحرام ، كما يزيد أيضا من المكارم والتشريفات التى يحظى بها لقب الحاج طوال بقية الحياة ، يزاد على ذلك إشباع المشاعر والعواطف الدينية وكذلك الآمال المستقبلية ، التى لها تأثيرها على الحجاج. والحجاج الذين يجيئون عن طريق القوافل يزجون وقتهم بطريقة مختلفة تماما ، هؤلاء الحجاج بعد أن ينتهوا من رحلتهم المضنية يتعين عليهم القيام بالاحتفائيات المتعبة التى تتمثل فى زيارة الكعبة والعمرة ، وبعد ذلك مباشرة يعجلون بالذهاب إلى عرفات ثم مكة ، ومع شدة الإرهاق الناجم عن الرحلة يتعرضون لهواء جبال الحجاز الذى لا يحميهم منه سوى ملابس الإحرام الخفيفة ، ثم يعودون بعد ذلك إلى مكة ، ولا يكون أمامهم سوى أيام قلائل يستجمعون قوتهم خلالها ، والقيام بزيارة بيت الله مرات عدة ، وبعدها تبدأ القافلة رحلة العودة ، ويتحول الحج كله إلى محاكمة قاسية للقوة الجسدية ، وسلسلة مستمرة من المتاعب والحرمان. ومع ذلك ، فإن هذا الأسلوب من أساليب زيارة هذه المدينة المقدسة (مكة) ، فى رأى كثير من أهل العلم المسلمين ، الذين يظنون أن طول الإقامة فى الحجاز ، وبغض النظر عن حسن النية ، لا يفيد العقيدة الحقة كثيرا ؛ نظرا لأن النظر يوميا إلى الأماكن المقدسة يقلل ويضعف من الانطباع الذى يحدث فى نفوس الزائرين عند ما يشاهدون بيت الله للمرة الأولى ، وعلى الرغم من تناقص الحماس الإسلامى بشكل عام ، فإن هناك أيضا بعض المسلمين الذين لا يزال إيمانهم يدفعهم إلى زيارة الأماكن المقدسة مرارا. تعرفت على بعض الأتراك الذين كانوا يقيمون فى القاهرة ، والذين كانوا يؤدون فريضة الحج كل عام ، على الرغم من وجود الأماكن المقدسة فى أيدى الوهابيين ، وكانوا يسافرون لأداء الحج عن طريق ميناء القصير فى مصر. يضاف إلى ذلك ، أن هناك قلة قليلة من الناس يقيمون فى مكة بصفة دائمة ، أملا فى أن يمضوا ما تبقى من حياتهم فى أعمال التقوى