على بعد مسير حوالى ساعة واحدة ، وأن هذه القرية تقع على أرض مرتفعة ، وأنها وفيرة الماء الممتاز ، قررت الذهاب للسكنى فيها.
هذه القرية يحيط بها سور شبه مدمر. الناظر إلى المكان يشاهد بقايا قلعة مدمرة ، يقال إن الذى أنشأها هو السلطان سليم ، الذى ضحى بالحدود والمواقع المتقدمة من إمبراطوريته. كان الفرنسيون قد فكروا فى إعادة بناء هذه القلعة ، لكنهم غادروا مصر قبل أن يبدأوا إعادة بناء هذه القلعة. هناك قريتان صغيرتان ، تبعدان قرابة ميل عن هذه القرية وتقعان على جانبى الطور ؛ هاتان القريتان الصغيرتان يسكنهما العرب ، فى حين أن قرية الطور نفسها لا يسكنها سوى اليونانيين الذين لا يزيد عددهم على عشرين أسرة تقريبا ، ومعهم قسيس يخضع لأسقفية جبل سيناء. هؤلاء اليونانيين يكسبون عيشهم هنا ، فى هذا المكان ، من بيع المؤن والتموينات إلى السفن التى ترسو هنا للتزود بالماء ، الذى يتوفر هنا فى الآبار بكميات كبيرة ، ومن نوعية ممتازة. البضائع والتموينات هنا أسعارها ضعف أسعارها فى القاهرة ، يضاف إلى ذلك أن سكان الطور لهم قواربهم الخاصة ، التى يبحرون فيها إلى مدينة السويس لجلب المؤن والتموينات. هؤلاء كان يمكن أن يصبحوا أثرياء بحكم عيشتهم المتواضعة ، لو لا مرور الجنود الأتراك عليهم. تطفل مجموعة صغيرة من الجنود الأتراك ولو مرة واحدة على هؤلاء اليونانيين قد يأتى على ما جمعوه طوال عام كامل. والباشا لا يحتفظ لنفسه بحامية فى هذا المكان.
اليوم التاسع من شهر يونيو. فى الصباح تسلقت السهل الصاعد إلى أن وصلت إلى القرية سالفة الذكر ، التى يطلق الناس عليها اسم الوادى بعد أن تزودت بكمية كبيرة من المؤن والتموينات من قرية الطور. عثرت بسهولة ويسر على سكن لى فى تلك القرية ، وسعدت لأن توقعاتى لتلك القرية كانت صائبة ؛ هذه القرية مكونة من حوالى ثلاثين منزلا ، لكل منها حديقة ، وتحيط بها بيارات النخيل ، ويكاد يكون لكل منزل من هذه المنازل حديقته الخاصة. استأجرت مبنى شبه مفتوح فى منتصفه ، ولكنى سقفته بجريد النخل ، وتمتعت بقربى من حديقة غناء ينمو فيها النخيل وأشجار النبق ،