الحجاج فى بعض الأحيان ، ويصلون متأخرين عن موعد الحج ، وقد حدث ذلك لإحدى الجماعات فى عام ١٨١٤ م ، التى وصلت إلى مكة بعد فوات موعد الحج بثلاثة أيام ، نظرا لاحتجاز هذه الجماعة طيلة ثلاثة أيام فى ميناء السويس. أضف إلى ذلك أن حال السفن السيئ ، وازدحامها لا يمكن أن يضفى على هذه الرحلة شيئا من الراحة على الحجاج ، وعلى العكس من ذلك فقد فرض محمد على باشا ضريبة على الحجاج ، تحت مسمى عقد المرور إلى جدة نظير مبلغ مرتفع (وقد بلغت الضريبة فى عام ١٨١٤ م ثمانية عشر دولارا على الرأس الواحدة) ، وذلك عن طريق واليه فى السويس الذى كان يوزع هذه العقود على ظهور السفن العربية ، ولم يكن يدفع لأصحاب السفن من ذلك المبلغ سوى ستة دولارات فقط عن الرأس الواحد. فى الماضى كان الحجاج مسموحا لهم بأن يأخذوا معهم من السويس ، كمية كبيرة من المؤن حسبما يريدون ، لكى يبيعوا جزءا منها بعد الحج مقابل ربح مجز ؛ لكن الحجاج ، فى الوقت الراهن ، لا يسمح لهم إلا بما يكفى استهلاكهم فقط طوال فترة الحج ، يزاد على ذلك ، أن مسألة حمل الحجاج لمؤنهم وتمويناتهم معهم ، وبخاصة الزبد ، والدقيق ، والبسكويت ، والسمك المملح الذى يشترونه بأسعار رخيصة من مصر ، طوال هذه المدة هى التى جعلت الحجاج يفضلون رحلة البحر على رحلة البر ؛ وسبب ذلك أن من يسافرون بطريق البر يضطرون إلى شراء تمويناتهم من مكة ، حيث الأسعار العالية جدا.
إذا ما وصل الحجاج الأجانب إلى القاهرة ، ولم يجدوا سفنا راسية فى ميناء السويس ، فقد جرت العادة أن يواصلوا الإبحار فى النيل إلى أن يصلوا إلى قنا ، ومن قنا يعبرون الصحراء وصولا إلى القصير ، والرحلة من القصير إلى جدة قصيرة جدا. وعند العودة من الحجاز يفضل السواد الأعظم من الحجاج الأتراك ذلك المسار. مواطنو الوجه القبلى يعودون عن طريق القصير ، وهذا هو ما يفعله كثير من الحجاج الزنوج ، بعد أن يسيروا بطول الساحل النيلى من سنار إلى قنا. والأجر الذى يدفعه الحاج من القصير إلى جدة يقدر بحوالى ستة إلى ثمانية دولارات.