للرئيس الوهابى ، الذى عرف عنه ، بأنه ، كان يحب أن يرى أعرابه متجمعين فى عرفات. فى عام ١٨١١ م قام الوهابيون بأداء فريضة الحج لآخر مرة ، أى بعد الهزيمة الأولى لطوسون بك بوقت قصير فى منطقة الجديدة ؛ كان بصحبة الوهابيين فى تلك المرة عدد كبير من البدو وبخاصة القحطان ، والعسير ، مع بعض آخر من بدو المناطق الصحراوية الداخلية ، وكان يجرى بيع المسلوبات والمسروقات والغنائم التى أخذها الوهابيون من الجيش التركى ، للمكيين فى سوق عرفات. وأنا هنا يجب أن أشير إلى أن على بك العباسى ، قد وقع فى خطأ جسيم فيما يتعلق بعدد الوهابيين الذين رآهم يدخلون مكة فى ذلك الوقت ، أى فى زمن الحج ؛ فقد ظن على بك العباسى أن الوهابيين جاءوا للاستيلاء على المدينة ، وراح يتباهى بأنه كان موجودا أثناء استيلاء الوهابيين على مكة فى المرة الأولى ، فى الوقت الذى بوسع أى طفل من أطفال مكة أن يقول لعلى بك العباسى إن ذلك الحادث وقع قبل ثلاث سنوات من مجيئه إلى مكة ، أو بالأحرى إلى منطقة الحجاز.
فى الوقت الراهن ، يأتى السواد الأعظم من الحجاج ـ كما سبق أن قلت ـ عن طريق البحر إلى جدة ، أما هؤلاء الذين يأتون من الشمال فيبحرون من السويس أو القصير قاصدين جدة ومعهم عدد كبير من الحجاج البربر ، وكثير من الحجاج الأتراك القادمين من الأناضول ، ومن تركيا الأوروبية ، وكثير من الحجاج السوريين ، وعدد كبير من الدراويش الذين يفدون من بلاد فارس ، ومن بعض المناطق التى يرويها نهر إندوس (*). يزاد على ذلك أن فقر الحالة الملاحية فى البحر الأحمر ، والذى تصادف مع الطلب المتزايد على السفن اللازمة لنقل مؤن وتموينات إعاشة جيش الحجاز ، يزيد من تأرجح عملية المرور وعدم ثباتها ؛ الأمر الذى كان يضيع الفرص على
__________________
(*) أحد الأنهار الكبيرة فى شبه القارة الهندية ، يصل طوله إلى حوالى ١٧٠٠ ميل ، وينبع من سلسلة جبال كيلاس فى الهيمالايا فى جنوب غرب التبت. هذا النهر ينساب من الشمال إلى الغرب تحت اسم سنج خمباب ، ثم ينساب بعد ذلك فى اتجاه شمالى غرب خلال كشمير بين سلسلتى جبال لاداخ وزسكر.