فى أواخر أيام المماليك ، وعند ما كانوا يحتلون أو يسيطرون على الوجه القبلى ، فى الوقت الذى كان محمد على فيه قد غزا الوجه البحرى ، كان الكثيرون من الحجاج الأتراك ، الذين انتقلوا إلى الحجاز بأعداد صغيرة ، على الرغم من وقوعه تحت السيطرة الوهابية ، يلقون معاملة سيئة على أيدى المماليك عند عودتهم إلى مصر ، كان المماليك يجردون هؤلاء الحجاج الأتراك من أشيائهم ومن ملابسهم ، بل يقتلونهم أحيانا أثناء إبحارهم فى النيل. كان السفاح اليونانى ، المدعو حسان بك اليهودى ، يتفاخر بأنه هو نفسه قتل خمسمائة من هؤلاء الحجاج الأتراك. هذه المذابح التى أقيمت لهؤلاء الحجاج الذين لا ذنب لهم ولا جريرة ، هى التى أعطت محمد على باشا ذريعة لقتل المماليك فى مذبحة القلعة.
بعض آخر من الحجاج يأتون عن طريق البحر قادمين من اليمن ، ومن جزر الهند الشرقية ، وبخاصة من المسلمين الهندوس ، ومن مسلمى الملايو ، ومنهم أيضا بعض الكشميريين ، وأناس آخرون من جوزيرات ، ومنهم أيضا بعض الفرس ، وأيضا بعض حجاج الخليج الفارسى ؛ كما يفد عن طريق البحر أيضا بعض حجاج البصرة ، ومسقط ، وعمان ، وحضر موت ؛ فضلا عن أولئك الذين يأتون من المدينة (المنورة) ومن ممباسا ، الذين يندرجون تحت اسم أهل السواحل ، أو بالأحرى الساحل المستوى ، يضاف إلى ذلك المسلمون الأحباش ، وكثير من الحجاج الزنوج الذين يأتون من الطريق نفسه. وهنا نجد أن كل المسلمين الذين يعيشون على سواحل المحيط ، يتأكدون خلال موسم الحج ، من وجود سفينة تبحر من أحد الموانئ المجاورة قاصدة البحر الأحمر ، لكن السواد الأعظم من حجاج الساحل يأتون عن طريق رحلات الأسطول الهندى المنتظمة فى شهر مايو ، ويبقون فى مكة أو المدينة (المنورة) إلى أن يدخل موسم الحج ، الذين يرحلون بعد أدائه مباشرة على ظهر السفن الوطنية من ميناء جدة إلى اليمن ، التى يبقون فيها إلى أن يبدأ هبوب الرياح التجارية فيبدءون فى تجاوز باب المندب. جموع كبيرة من الشحاذين يفدون من البلاد سالفة الذكر على مكة ، وهم يسافرون على حساب المحسنين فى بلادهم ، أو قد يدفع الأجر عنهم أولئك الذين