رأيتها معروضة للبيع ، كانت فى بعض محلات بيع الأقمشة بالتجزئة بالقرب من باب السلام. يقال إن هناك بعض المكتبات الخاصة القيمة ، وقد شاهدت واحدة من تلك المكتبات فى منزل شيخ من الشيوخ ، حيث كان فيها ما لا يقل عن ثلاثة آلاف مجلد ، لكنى لم أتمكن من تصفح بعض هذه الكتب أو حتى كلها. وكما هو الحال فى الشرق كله فإن المكتبات التى من هذا القبيل تكون على سبيل الأوقاف ، هذا يعنى أن هذه المكتبات جرى إهداؤها لمسجد من المساجد من قبل صاحبها أو مالكها إن صح التعبير ، أو قد تكون قد أعطيت لعائلة من العائلات حتى لا يجرى التفريط فى الكتب. يقال إن الوهابيين نقلوا أحمالا كثيرة من الكتب بعد أن غزوا المدينة المنورة ، هذا يعنى أنهم تصرفوا فى تلك الكتب بطريقتهم الخاصة.
وعلى الرغم من تحرياتى المتكررة هنا ، فى المدينة المنورة ، وفى مكة المكرمة ، لم أسمع مطلقا عن شخص واحد ألف كتابا واحدا من الكتب ، أو حتى دوّن ملاحظات مقتضبة عن كتاب من الكتب ، أو تاريخ الفترة التى عاشها ، أو حتى عن الوهابيين. وقد ظهر لى أن الأدب ازدهر ازدهارا قليلا فى المدينة المنورة ، شأنها فى ذلك شأن بقية مناطق الحجاز الأخرى ، وظهر لى أيضا أن الهم الرئيسى لكل الناس هنا هو جمع المال ، وإنفاقه على الإشباعات الحسية.
لغة أهل المدينة المنورة ليست فصيحة مثل لغة أهل مكة ؛ فهى تكاد تقترب تماما من لغة مصر ، يزاد على ذلك أن السوريين المقيمين فى المدينة المنورة تمر عليهم أجيال متعددة قبل أن يسمعوا رنينا للغتهم الوطنية. يشيع فى المدينة المنورة أن يسمع الناس أناسا آخرين وهم يتكلمون لغاتهم الوطنية ، أو وهم يرددون بعض الكلمات التركية فى أضعف الأحوال ، والأعيان ورجال الاقتصاد الذين يعيشون فى ضواحى المدينة المنورة لديهم لهجة خاصة بهم ولديهم أيضا بعض العبارات الخاصة بهم أيضا ، لكن هذه اللهجة وتلك العبارات تكون مثارا لانتقاد أهل المدينة لها وسخريتهم منها.