إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

ترحال في الجزيرة العربية [ ج ٢ ]

ترحال في الجزيرة العربية

ترحال في الجزيرة العربية [ ج ٢ ]

تحمیل

ترحال في الجزيرة العربية [ ج ٢ ]

176/289
*

بحيث يحل بعضهم محل البعض الآخر ، نظرا لأن الجميع يودون المشاركة فى هذه المهمة ، التى يجرى تنفيذها دون توقف ، وبذلك نجد النعش ينتقل دوما من رجل إلى آخر ، إلى أن يجرى وضع النعش فى النهاية بالقرب من القبر. وإذا ما سلمنا للحظة واحدة ، بأن هذه العادة البسيطة المؤثرة ، نابعة من إحساس صادق وحقيقى ، فإن ذلك يثبت لنا فيضا دافقا من الأحاسيس التى تختلف عما نفعله نحن الأوروبيون فى أبهة جنازاتنا ، تلك الأبهة التى نحيط بها جنازة الميت إلى أن يصل إلى القبر. فى الشرق يجرى كل شىء طبقا للعادات القديمة الراسخة ؛ هذه العادة الطيبة نشأت ، بلا شك ، بناء على دفق المشاعر ، أو إحساس بالورع والتقوى فى قلوب أولئك الذين استنوا هذه العادة ، لكن هذه العادة أصبحت اليوم مجرد شكل من الشكليات.

نساء المدينة المنورة لا يلبس مطلقا ملابس الحداد ، وهن يختلفن ، من هذه الناحية ، عن نساء مصر. تردد فى كثير من الأحيان على ألسنة بعض الرحالة ، أن أهل الشرق لا يعرفون ملابس الحداد ، ولكن هذا قول خاطئ ، فيما يتعلق بكل من مصر على الأقل وبعض أجزاء من سوريا. صحيح أن رجال الشرق لا يقبلون على هذا العمل ، الذى تحرمه روح الشرع ونصوصه ، لكن النساء داخل المنازل ، يلبسن ملابس الحداد فى سائر أنحاء مصر كلها ، والنساء فى بداية الحداد يصبغن أيديهن باللون الأزرق ، أو إن شئت فقل : بصبغ النيلة ؛ وهن فى الحداد يرتدين براقع سوداء ، بل وقمصان داخلية سوداء أيضا ، وهن يواصلن ارتداء زى الحداد مدة سبعة أيام ، أو خمسة عشر يوما ، أو أربعين يوما فى بعض الأحيان.

فيما يتصل بالتعليم يتعين علىّ القول : إن أهل المدينة المنورة أكثر علما من أهل مكة ، وذلك على الرغم من ـ كما سبق أن أوضحت ـ وجود قلة قليلة من المدارس العامة ، إن لم يكن هناك شىء منها على الإطلاق. هناك أفراد يدرسون العلوم الإسلامية فى كل من دمشق والقاهرة ، اللتان يوجد فيهما مؤسسات دينية لهذا الغرض ، وكما هو الحال فى مكة ، لا يوجد سوق عامة للكتب فى المدينة المنورة ، والكتب الوحيدة التى