حكومة المدينة المنورة
كانت المدينة المنورة ، منذ بدء الإسلام ، بلدية مستقلة ، وعند ما خضع الحجاز لحكم الخلفاء ، كانت المدينة المنورة تحكم بأشخاص يعينون من قبل الخلفاء ، وكانت مستقلة عن حكام مكة ، وعند ما ضعفت سلطة الخلفاء ، استقل شيوخ (رؤساء) المدينة المنورة بأنفسهم ، ومارسوا النفوذ نفسه فى شمالى الحجاز ، بالطريقة نفسها التى كان أهل مكة يفعلونها فى الجنوب. فى بعض الأحيان كان حكام مكة ينجحون فى مد سلطتهم بصورة مؤقتة إلى المدينة المنورة ، وفى القرنين الخامس عشر والسادس عشر ظهر أن تلك السلطة كانت ثابتة ومستقرة ، لكن هذه السلطة كانت تعتمد على مدى قوة سلاطين مصر ، عند ما تكون لهم السيادة على مكة. عند ما وصلت عائلة عثمان إلى العرش التركى ، فكر الإمبراطور سليم الأول ، وولده سليمان (اللذان أعطيا المزيد من الاهتمام للحجاز أكثر من أولئك الذين سبقوهما) أنه من الضرورى أن يكون لهما سلطة ونفوذ أقوى على المدينة المنورة ، التى تعد مفتاحا للحجاز ، والتى أصبحت لها أهمية كبيرة لقوافل الحج الكبيرة. أرسل الإمبراطور سليم وولده سليمان إلى المدينة المنورة حامية من الجنود الأتراك مكونة من الجنود الانكشارية والسباهى ، تحت قيادة أغا من الأغاوات ، الذى تقرر له أن يكون حاكما على المدينة ، وفى الوقت نفسه كان الحكم المدنى بيد شيخ الحرم ، أو إن شئت فقل أغا الحرم ، المسئول عن المسجد ، والمسئول عن الاتصال المباشر بالعاصمة ، وكان يحمل لقب باشا شأنه شأن الباشوات فى البلدان الأخرى ، وإذا ما استثنينا فترة قصيرة من أواخر القرن السابع عشر ، بعد أن أصبحت المدينة المنورة خاضعة لحكم شريف مكة ، نجد أن هذا الأسلوب من أساليب الحكم استمر إلى أن استولى الوهابيون على المدينة المنورة. فى ذلك الوقت كان هناك فى قلعة من القلاع الصغيرة أغا واحد ومعه مجموعة قليلة من الجنود ، وكان أغا الحرم هو وحاشيته الصغيرة من الجنود ، بمثابة الرئيس الأعلى للمدينة المنورة. ولكن على امتداد القرن الماضى انتشرت وسادت وعمت إساءات ومخالفات كبيرة ؛ منها أن الحاكم العسكرى لم يعد يجرى اختياره بواسطة