بفائدة تقل عن خمسين بالمائة سنويا ، وهم يحاولون جعل الأجانب والأغراب يضاعفون رؤوس أموالهم عن طريق الغش والخداع ، ومن هنا يمكن القول إن هؤلاء فقط هم الذين يمتلكون الأرض عن طريق التجارة ، أو عن طريق الدخل الذى يأتيهم من المسجد النبوى ، أو من الحجاج ، الأمر الذى جعلهم يجمعون ثروات كبيرة.
يأتى الدعم الأكبر الذى تحصل عليه المدينة المنورة من المسجد النبوى أولا ثم من الحجاج. وسبق أن تحدثنا عن الفراشين ، أو خدم المسجد النبوى والأرباح التى يجنوها من هذه الخدمة ، وهنا يتعين علينا أن نضيف إلى هؤلاء الفراشين عددا كبيرا من البشر الملحقين على المسجد النبوى ، الذين لهم وظائف اسمية لكنهم يحصلون على نصيب من دخل الحرم ، هناك أيضا رهط كبير من المرشدين ، ويضاف إليهم أيضا كل أصحاب المنازل الذين يؤجرون منازلهم للحجاج. وعلاوة على الحصة التى يحصل الفراشون عليها من دخل الحرم ، فإنهم على اختلاف طوائفهم ومراتبهم يحصلون على صرّة ، أو إن شئت فقل : سنويّة يجرى إحضارها سنويا من إسطنبول والقاهرة ، يزاد على ذلك أن السكان جميعهم يحصلون على هدايا سنوية ، تندرج هى الأخرى تحت اسم الصرّة. صحيح أن هذه العوائد لا يجرى توزيعها بصورة منتظمة ، كما أن الكثيرين من الأسر الفقيرة والطبقات المعدمة التى جاءت من أجلها هذه العوائد لا تحصل على أى شىء منها ، ومع ذلك ، تصل هذه المبالغ إلى المدينة ، ويجرى تداولها. (*) وبذلك يمكن دعم كثير من الأسر دعما كاملا عن طريق المبالغ التى تأتى على شكل صرر من إسطنبول ، والتى تتردد قيمة الصرة الواحدة منها بين مائة جنيه إسترلينى ومائتى جنيه فى العام ، دون أن تؤدى أية خدمة من الخدمات. يقول أهل المدينة المنورة ، إنه فى غياب هذه الصرر ، سوف يهجر الناس المدينة لملاك الأرض والزراع. هذا الاعتبار كان الدافع الرئيسى وراء إنشاء فكرة ملاك الأرض والزراع ،
__________________
(*) بعد أن أعاد قايتباى ، سلطان مصر ، بناء المسجد النبوى فى العام ١٨٨١ الهجرى ، خصص الرجل دخلا سنويا مقداره سبعة آلاف وخمسمائة إردب من القمح لسكان المدينة المنورة ، على أن يتم إرسال هذا القمح من مصر ، كما أمر السلطان سليمان بن سليم بخمسة آلاف إردب للغرض نفسه. (راجع قطب الدين والسمهودى)