الإنتاج الرئيسى للحقول (*) الموجودة حول المدينة المنورة ، هو القمح والشعير ، وبعض البرسيم ، والفاكهة ، والتمر بصفة أساسية ؛ يزرع الشعير بكميات أكبر من القمح ، كما يشكل الخبز المصنوع من الشعير المكون الرئيسى فى الطعام عند الطبقات الفقيرة ، ويجرى حصاد الشعير فى منتصف شهر مارس. ومحصول الشعير ونباتاته هزيلان ، لكن نوعية الشعير ممتازة ، ويباع الشعير فى أسواق المدينة المنورة بسعر أعلى من سعر الشعير المصرى بنسبة خمسة عشر بالمئة.
بعد حصاد الشعير ، تظل الأرض بلا زراعة إلى الموسم التالى ؛ والسبب فى ذلك ، أنه على الرغم من توفير مياه الرى فى الآبار (**) ، فإن التربة تبلغ من الضعف حدا لا تقوى معه على إنتاج محصول ثان ، والناس هنا لا يعرفون زراعة الشوفان ، كما لا يعرفونه أيضا فى أى مكان آخر من أماكن الحجاز. وأشجار الفاكهة لا توجد إلا على جانب قرية قباء بصفة خاصة. يقال إن الرمان والعنب يجودان هنا فى المدينة المنورة ، وبخاصة الرمان ، هنا أيضا توجد بعض أنواع الخوخ ، والموز ، وفى بساتين قرية قباء تجرى زراعة البطيخ ، والخضراوات ، والسبانخ ، واللفت ، والكراث ، والبصل ، والجزر ، والفول ، ولكن بكميات صغيرة جدا. وشجرة النبق شجرة شائعة جدا فى سهول المدينة المنورة ، وفى الجبال المحيطة بها أيضا ، والناس يجلبون كمية كبيرة من ثمار النبق لبيعها فى السوق فى شهر مارس ؛ حيث تجعله الطبقات الفقيرة ركنا أساسيا من غذائها ، لكن التمور هى المنتج الرئيسى فى المدينة المنورة ؛ هذا التمر يذيع صيته بحكم جودته وامتيازه فى المناطق المجاورة للمدينة المنورة وفى سائر أنحاء الجزيرة العربية كلها. النخيل موجود فى الحقول المسوّرة ، ويجرى رى النخيل عند رى البذور التى تبذر فى الأرض ، أو فى السهول المفتوحة ، حيث يجرى رى النخيل من مياه المطر فقط ، ثمار أو بالأحرى تمور النخيل المزروع فى السهول المفتوحة ، على
__________________
(*) الحقول هنا : يسميها الناس «بلاد» (وجمعه بلدان) : وواحده «بلد».
(**) كل بستان أو حقل له بئره الخاصة ، التى يجرى رفع الماء منها بواسطة الحمير ، والبقر ، أو الإبل باستعمال دلاء مصنوعة من الجلد. وأنا لا أظن أن هناك حقولا لا تروى ريا منتظما ، كما أن البذور لا تترك لاحتمالية سقوط الأمطار.