مدرسة من المدارس ، أو مؤسسات البر والتقوى ، التى تقوم على أمر زراعة هذه البساتين ، بعقود طويلة الأجل ، تمنح لأهل المدينة المنورة ، الذين يقومون أيضا بإعادة تأجير هذه البساتين بعقود قصيرة الأجل للزارع. هؤلاء المستأجرين لا يدفعون ضرائب من أى نوع كان. هذا يعنى عدم فرض أى نوع من أنواع ضرائب الأرض ، أو ما يسمونه الميرى ، وهذا نوع من الحصانة ، أرى أن واحات الحجاز الخصبة كلها كانت تتمتع به قبل الغزو الوهابى ، ومع ذلك ، نرى أن الوهابيين قاموا بعد استيلائهم على المدينة المنورة مباشرة ، بفرض ضريبة على الأرض طبقا للقوانين المعمول بها فيما بينهم ؛ قام الوهابيون بتقييم الحقول ، لا باستعمال إنتاجها من القمح ، وإنما طبقا لإنتاجها من التمر ، وعدد أشجار النخيل فى كل حقل من الحقول وبما يتناسب مع خصوبة التربة ، كما جرى تقييم التربة أيضا فى ضوء إنتاجها من القمح ، ومن كل إردب من التمر كان جباة الضرائب الوهابيين يأخذون حصة نوعية أو نقدية ، طبقا للسعر السائد عند التحصيل. هذه القواعد تسببت فى كراهية أهل المدينة المنورة للوهابيين ، لكن أهل مكة لم يكرهوا الوهابيين ؛ لأنهم لم يكن لديهم حقول أو مزارع حتى يمكن فرض ضرائب عليها ، وكذلك الأماكن التى جرى فيها الاستغناء عن الضريبة المفروضة ، أو التى جرى التخلى عنها للشريف الحاكم القديم للمدينة ، كما سبق أن أوضحنا. يضاف إلى ذلك ، أن المكيين مارسوا التجارة ، التى استطاعوا عن طريقها جنى بعض الأرباح فى كل الأحوال ، أما أهل المدينة المنورة على العكس من ذلك فهم تجار صغار ، واعتمادهم يكون على الحجاج بدرجة كبيرة ، وعلى التبرعات السنوية التى تأتى من تركيا ، أو من الممتلكات التركية ، وقد أجبر سكان المدينة المنورة إجبارا تاما على التخلى عن التبرعات التركية السنوية من ناحية والحد من العوائد التى تأتى من الممتلكات التركية ؛ ونظرا لأن الوهابيين أعربوا عن مزيد احترامهم للقبر الشريف لبيت الله فى مكة ، فنحن لا نجد مدعاة للدهشة ، عند ما يمجد أهل المدينة المنورة اسم الوهابيين ، وينعتونهم بكل النعوت والصفات الطيبة.