شرفات محمولة على أعمدة ، وغرف للجلوس تجاور المنازل ، كما أن لكل بيت خزانا للماء مبطن بالحجر يقع أمام المنزل. هذه المنازل هى بمثابة المنتجات الصيفية لكثير من عائلات المدينة المنورة ، التى اعتادت على تمضية شهرين من أشهر الصيف فى هذه المنتجعات. قلة قليلة فقط من بيارات النخيل ، باستثناء تلك البيارات المنتشرة فى الحقول ، هى التى تحيط بها الأسوار ، والسواد الأعظم من هذه البيارات لا تروى إلا من مياه السيول ومياه الأمطار. والبساتين نفسها شديدة الانخفاض ، ويجرى حفر التربة فى منتصف هذه البيارات ، وتكويم ناتج الحفر حول الجدران ، حتى يمكن استعمال الفراغ الناتج فى الزراعة ، على شكل حفرة عمقها حوالى عشرة أقدام أو اثنى عشر قدما عن مستوى سطح السهل ، والناس يلجأون إلى هذه الأعماق ابتغاء للتربة الأصلح والأنسب ، فقد تعلم هؤلاء الزراع من التجربة أن الطبقة العليا تكون مشبعة بالملح ، وأقل صلاحية للزراعة ، عن التربة السفلى. لا وجود للصناعات المهمة فى أى مكان من المدينة المنورة ؛ قسم كبير من الأراضى قاحل ، وفى أماكن الحقول الزراعية ، لا وجود للاقتصاد فى ثقافة أصحاب هذه الحقول. هناك كثير من الحقول الجرداء ، يضاف إلى ذلك ، أن ملوحة التربة تحول دون نمو البذور ، ويقال إن الأرض فى اتجاه قرية قباء ، وخلفها ، وفى اتجاه الجنوب والشرق ، عبارة عن تربة جيدة ، وخالية من الأملاح ، وإن الأرض فى هذه المنطقة قيمتها أعلى من قيمة الأرض القريبة من المدينة ، التى رأيتها بعد سقوط الأمطار ، وهى مغطاة تماما ولأيام عدة بقشرة من الملح ، ناتجة إما عن تبخر المياه ، أو ناتجة على شكل أبخرة من التربة نفسها ، وبخاصة فى الأجزاء الأكثر ارتفاعا التى لا تصلها المياه.
القسم الأكبر من هذه البساتين والمزارع من أملاك أهل المدينة المنورة ، يضاف إلى ذلك أن العرب الذين يزرعون هذه البساتين والمزارع (والذين يسميهم الناس «النواخلة» ) معظمهم من الفلاحين. يزاد على ذلك ، أن ملكية البساتين إما عبارة عن ملكية خاصة وإما عبارة عن وقف ، والبساتين يقال لها ملك ، إذا ما كانت مملوكة للأفراد ، والبساتين يقال لها وقف ، إذا ما كانت تابعة للمسجد النبوى ، أو تابعة لأية