قلة قليلة من المسافرين هم الذين يؤثرون القيام بالرحلة على مسئوليتهم الخاصة ، أو باستعمال إبلهم الخاصة ؛ والسبب فى ذلك أن مثل هؤلاء الناس إذا لم يحمهم الجنود أو رئيس القافلة ، قد يجدون بعض المصاعب بسبب سوء معاملة المقوّمين على المساقى ، أو إن شئت فقل : أماكن السقيا ، وأثناء السير ؛ هذا يعنى أن هؤلاء المقوّمين يحاولون بشتى الطرق ، عرقلة السفر بغير طريقهم ، الأمر الذى يجعل من الرحلة التى من هذا القبيل حكرا على الحجاج الأثرياء ، الذين لديهم المقدرة على تشكيل جماعات خاصة بهم تضم ما بين أربعين حاجا وخمسين حاجا.
توقد الشعلات أثناء الليل ، ويجرى قطع المسافة اليومية فيما بين الساعة الثالثة عصرا وبعد شروق الشمس بساعة أو ساعتين من اليوم التالى. والبدو الذين يحملون التموين لا يتحركون إلا أثناء النهار فقط ، وفى مقدمة القافلة ، التى يتجاوزون مخيمها فى الصباح ، ثم يجرى بعد ذلك تجاوز هؤلاء البدو ، ثم تتجاوز القافلة فى الليلة التالية ، وهم فى مكان راحتهم. والرحلة مع بدو المؤن والتموينات أسهل من السير مع القافلة الرئيسية ؛ نظرا لأن بدو التموينات يحظون براحة ليلية منتظمة ، لكن طابع هؤلاء البدو السيئ هو الذى يمنع الحجاج من اصطحابهم.
فى كل مسقى من المساقى التى على الطريق ، توجد قلعة صغيرة وخزان كبير ، تسقى منه الإبل. هذه القلاع تقوم على حراستها مجموعات صغيرة ، تظل طوال العام تحرس المؤن المخزّنة فى تلك القلاع. شيوخ القبائل يلتقون القافلة عند هذه المساقى ، والمعروف أن هذه المساقى مملوكة للبدو ، ويحصل الشيوخ فى تلك اللقاءات على الإتاوة المحددة. الماء وفير على الطريق ؛ هذه المساقى أو المحطات لا تبعد الواحدة منها عن الأخرى مسافة تزيد على مسير إحدى عشرة ساعة أو اثنتى عشرة ، وفى فصل الشتاء يتوفر الكثير من برك مياه المطر ، يضاف إلى ذلك أن الحجاج الذين يحملون صناديق فوق ظهور الإبل ، أو على سرج الإبل الشبيهة بالهودج ، قد ينامون فى الليل ، ويمضون الرحلة بلا مضايقات ، لكن هؤلاء الفقراء ، أو أولئك الذين تتملكهم رغبة الحصول على مبلغ كبير من المال يرضون بالسير مع القافلة سيرا على الأقدام ، لكى يعملوا خدما ، ولذلك يموت الكثيرون منهم على الطريق بسبب التعب.