حمل القرامطة الحجر إلى الحجر (*). التى هى بقعة خصبة فى الصحراء ، على طريق الحج السورى ، شمالى المدينة المنورة التى اختارها القرامطة لتكون موطنا من مواطن إقامتهم. كان القرامطة يأملون أن يأتى المسلمون كلهم لزيارة ذلك الحجر ، وبالتالى يصبح من حقهم الحصول على الثروة التى يجلبها الحجاج معهم من سائر أنحاء الأرض إلى مكة ، فى ظل هذا الانطباع ، رفض أبو طاهر القرموطى عرضا مقداره خمسين ألف دينار فدية للحجر الأسود ، لكن بعد وفاة أبو طاهر القرموطى ، أعاد القرامطة فى العام ٣٣٩ الهجرى عن طيب خاطر ، الحجر الأسود ، اقتناعا من خبرة مفادها أن توقعاتهم للثروة ، من وراء امتلاك الحجر ، لم تكن قائمة على أساس سليم ، وأن قلة قليلة من المسلمين هم الذين جاءوا إلى الحجر بغية تقبيل الحجر. فى ذلك الوقت كان الحجر الأسود قطعتين ، إذ انقسم الحجر جراء ضربة أصابته من أحد القرامطة يوم أن كانوا يسلبون مكة وينهبونها.
بعد سبعين عاما من إعادة الحجر الأسود إلى مكانه القديم ، كابد الحجر انتهاكا آخر ، فقد أوفد الحاكم بأمر الله ، ملك مصر المجنون ، وصاحب النوايا السيئة فى إعادة بعض الأمجاد السماوية لنفسه ، أوفد فى العام ٤١٣ الهجرى مصريا مع قافلة الحج إلى مكة لتدمير الحجر الأسود. واستعمل ذلك المصرى عكازا حديديا خبأه فى طيات ملابسه ، واقترب الرجل من الحجر الأسود ، وقال متعجبا : «إلى متى سيظل الناس يعبدون الحجر ويقبلونه؟ «وليس هناك محمد صلىاللهعليهوسلم أو على رضى الله عنه حتى يمنعانى من القيام بذلك ، وأنا اليوم سوف أدمر هذا المبنى!» ثم ضرب ذلك المصرى الحجر ثلاث مرات بعكازه الحديد. كانت هناك مجموعة من الخيالة ، من ضمن القافلة التى سافر معها إلى مكة ، وكانت تلك المجموعة من الخيالة مستعدة لتقديم يد العون والمساعدة
__________________
(*) يقول العصمى إن الحجر تم نقله إلى الأحساء ، بالقرب من الخليج الفارسى ، وهى مدينة بناها مؤخرا أبو طاهر القرموطى. وقد عثرت فى رحلات ابن بطوطة على بلدة فى منطقة الأحساء يسمونها الحجر.