بيض دعاهنّ الغبي كواعبا |
|
ولو استبان الرشد قال كواكبا |
حتّى قال في مخلصها (١) :
عاتبته فتضرجت وجناته |
|
وأزور ألحاظا وقطب حاجبا |
فأراني الخد الكريم فطرفه |
|
(ذو النون) إذ ذهب الغداة مغاضبا |
وأراد بذي النون : الحاجب تشبيها له بالقوس ، لأن النون مقوسة (ن) ، وذو النون : يونس بن متى ، وإشارته في الشطر الثاني إلى الآية : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى ....) وكثيرا ما كان أهله وأخوته يلحون عليه أن لا يترك قبيلته وأقرانه ، إلّا أنه كان شديد الرغبة في الاستقرار والدّعة ، والعيش السليم ، ويبدو أنه وجد ضالته في ملازمته سلاطين ماردين ، والنزول عندهم ، ويبدو من رسائله الشعرية التي كان يراسل بها أخوته وأصدقاءه أنه تبرّم بالحياة القاسية في العراق ، وأنه لن يرجع إلى تلك الحال التي وجد قومه عليها ، ومن ذلك قصديته :
قليل إلى غير اكتساب العلى نهضي |
|
ومستبعد في غير نيل التقى ركضي |
يرسلها إلى أحد أقاربه من ماردين ، ويعرض فيها بمدح سلطانها الملك المنصور (٢) وكتب بثانية إلى أحد بني عمه من ماردين ـ أيضا ـ يقول فيها :
كل الذين غشوا الوقيعة قتّلوا |
|
ما فاز منهم سالما إلّا أنا |
__________________
(١) الفوات : ١ / ٥٨١ ـ ٥٨٢.
(٢) الديوان : ٢٠.