ومن التوليد اللفظي ضروب أخر ، لا يضطّر إلى تمثيلها ـ هاهنا ـ طلب الاختصار.
والذي يولّد من المعاني : هو من المحاسن ، وهو الغرض ـ هاهنا ـ وذلك أن ينظر الشاعر إلى معنى لمن تقدمه ويكون محتاجا إلى استعمال (١) ذلك المعنى في بيت من القصيدة ، لكونه أخذ في ذلك الغرض جاريا في وصفه فيورده ويولّد بينهما معنى آخر ، ويذيله (٢) ، كما قال القطامي : [من البسيط]
قد يدرك المتأني بعض حاجته |
|
وقد يكون مع المستعجل الزّلل (٣) |
فقال سالم بن وابصة في الحماسة ونقص من الألفاظ ، وزاد تذييلا وتمثيلا وتوكيدا وتوليدا : [من البسيط](٤)
عليك بالقصد فيما أنت طالبه |
|
إنّ التخلق يأتي دونه الخلق (٥) |
فمعنى صدر هذا البيت معنى بيت القطاميّ بكماله ، ومعنى عجزه نوع من التذييل والتأكيد أزيد من الأول ، وهو مولّد منه (٦). ومن التوليد المعنويّ
__________________
(١) ط : استكمال.
(٢) ليست في ط. أما في الأصل : ف (وتبديل).
(٣) للقطامي في ديوانه : ٢ وفي عيار الشعر : ٥٥ وقد ذكره في التحرير في موضعين : ٣١٩ و ٤٩٦ وقد ذكر ابن أبي الإصبع هذا الكلام ، وأخذه الحلي عنه وقد غير في عباراته.
(٤) السالم بن وابصة : الحماسة : ١ / ٢٩٥ ـ ٢٩٦ (فيما أنت فاعله).
(٥) في الأصل : إن التخلف ... الخلف ـ بالفاء ـ وصدره في العمدة : ١ / ٢٥٠ : «يا أيها المتحلي غير شيمته ... إن»
(٦) ط : مولد بينهما ، وكذا عبارة التحرير.