فقول امرئ القيس : (لم يثقب) وقول زهير : (لم يحطم) هو إيغال زائد على تمام معنى بيتيهما.
والإيغال في بيت القصيدة في موضعين ، وهما : (غير مستتر) و (غير مكتتم) ، [فاعلم ذلك].
نفي الشيء بإيجابه (١)
[٥٩ ـ] لا يهدم المنّ منه عمر مكرمة |
|
ولا يسوء أذاه نفس متّهم |
وهو (٢) : أن يثبت المتكلم شيئا في ظاهر كلامه : وينفي ما هو في سببه مجازا ، والمنفي في باطن الكلام ـ حقيقة ـ هو الذي أثبتّه ، كقوله تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ)(٣). وكقوله (٤) جل وعلا : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً)(٥). فإن ظاهر الكلام نفي الإلحاف. والمراد نفي السؤال ، وكقول الشاعر (٦) [من السريع] :
__________________
(١) هكذا سمى ابن رشيق هذا النوع في العمدة : ٢ / ٨٠. وانظره في الديوان : ٤٨٠ والخزانة : ٢٣٣ والتحرير : ٣٧٧ وبديع القرآن : ١٥٢ وحسن التوسل : ٢٨١ ونهاية الأرب : ٧ / ١٦٣ ونفحات الأسحار : ٢٧٦ ، وفي أنوار الربيع : ٤ / ٣٦٤ والباعونية : ٤٣٨.
(٢) قال ابن رشيق : (من محاسن الكلام فإذا تأملته وجدت باطنه نفيا وظاهره إيجابا) : العمدة : ٢ / ٨٠.
(٣) الآية : ١٨ من سورة غافر.
(٤) الآية : ٢٧٣ من سورة البقرة.
(٥) علق في حاشية النسخة : إلحافا ولحافا بمعنى واحد. من تفسير غريب القرآن. والآية من شواهد ابن رشيق : ٢ / ٨٢.
(٦) في خزانة الأدب : ٤ / ٢٧٣ لعمرو بن أحمر الباهلي.