أبقى» (١) فمثّل عليهالسلام حال من تعسف (٢) نفسه في العبادة حتّى ينهك جسمه ، ولا ينال غايتها ، كحال المنبتّ ، وهو الرجل المنقطع عن أصحابه ، فيعسف راحلته في المسير في لحاقهم ، فتعيى راحلته ولا يبلغ رفاقه ومن أحسن المثل الشعرية قول أبي تمام (٣) : [من البسيط]
أخرجتموه بكره من سجيته |
|
والنار قد تلتظي من ناضر السلم |
أوطأتموه على جمر المقوق ولو |
|
لم يخرج الليث لم يخرج من الأجم (٤) |
ففي كل عجز من هذين البيتين تمثيل حسن لفظا ومعنى ، والفرق بينه وبين التذييل ، خلو التذييل من معنى التشبيه (٥). والتمثيل في بيت القصيدة قوله :
والغصن يذوي لفقد الوابل الرذم
__________________
(١) الحديث في الفائق : «إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، ولا تبغض إلى نفسك عبادة الله فإن ...» : ٤ / ٧٢.
(٢) يعسف نفسه : يظلمها ، ويأخذها على غير قصد. المجمل : ٣ / ٦٦٧ وفي ط : ولا يبلغ غايتها بحال المنبت.
(٣) قول أبي تمام : في الخزانة : ١٣٤ وفي ط : حبيب بن أوس الطائي وهما في ديوانه : ٢٦٩ والتحرير : الشطر الثاني من البيت الأول : ٢١٨.
(٤) في الأصل : لم يخرج الليث من الأجم. وفي الديوان (لم يجوج ..).
(٥) وبين التشبيه والتمثيل اختلاف ، فعند بعض العلماء أنهما شيء واحد ، في حين فصل آخرون بينهما وغاير بين حقيقتهما. والذين غايروا بينهما جعلوا التشبيه غير معدود من المجاز بخلاف التمثيل. انظر : الطراز : ج ٢ / ص ٢ ـ ٣.