زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد بن عصمة بن حمير بن الحارث ذي رعين الأصغر ، أبو اليمن الكندي ، من ساكني دار الخلافة أسلمه والده في صغره إلى الشيخ أبي محمد عبد الله بن علي المقرئ سبط الشيخ أبي منصور الخياط ، فلقنهّ القرآن ، وجوّد عليه قراءته ، ثم حفظه القراءات فقرأ عليه بالروايات العشر وعمره عشر سنين ، ثم إنه أقرأه أيضا على مشايخ أقدم أسناد منه كأبي القاسم هبة الله بن أحمد الحريري ، وأبي الفضل محمد بن عبد الله بن المهتدي وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون ، وأبي بكر محمد بن الخضر خطيب المحوّل ، ثم إنه اشغله بالنحو واللغة وأمره بملازمة الشريف أبي السعادات بن الشجري ، وأبي منصور الجواليقي ، لقراءة الأدب ، فقرأ عليهما حتى برع في النحو ومعرفة العربية.
وأسمعه الحديث الكثير من الشيوخ الكبار كأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وأبي القاسم هبة الله بن أحمد الحريري وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز ، وأبي القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي ، وأبي الحسن علي بن هبة الله بن محمد بن البيضاوي ، وأبي محمد يحيى بن علي بن الطراح ، وأبي الحسن محمد ابن أحمد بن توبه ، وأبي عبد الله الحسين بن علي بن أحمد الخياط ، ومن جماعة غيرهم.
وقرأ بنفسه على المشايخ كثيرا ، وكان الشيخ أبو محمد المقرئ يعزه ويقريه كثيرا ورباه أحسن تربية ، ووهب له كثيرا من الكتب والأصول التي قرأها عليه ، وكانت همته إليه مصروفة ، فعادت بركته عليه فعمر عهدا طويلا وانتشرت عنه الرواية ، ورحل اليه طلاب العلم من الأقطار ، لقراءة القرآن عليه والحديث والأدب وتفرد بأكثر مروياته ، وكان يروي كثيرا من كتب الأدب ودواوين الشعر ، ويكتب خطا مليحا.
ولما مات شيخه أبو محمد قام مقامه في مسجده وأم الناس فيه أياما ، وله نيف وعشرون سنة ، ثم انه سافر عن بغداد في سنة ثلاث وأربعين ، ودخل همذان ، وأقام بها سنين يتفقه على مذهب أبي حنيفة على سعد الرازي بمدرسة السلطان طغرل ،