كان تاج الأمناء وزين الأمناء أخوين من بني عساكر ، وكان تاج الامناء يلقب خرابدبس ، وكان أكبر من زين الأمناء في السن ، فحضر جماعة عند الشيخ تاج الدين الكندي ، وتنازعوا في تاج الأمناء وزين الأمناء أيهما أسن من صاحبه ، وكان يظهر للرائي أن زين الأمناء أسن ، فابتدر الكندي من غير روية وقال : تاج الامناء في سن زين الأمناء ، وهذا من أحسن النوادر والتورية (٩٧ ـ و).
وسمعت رفيقنا النجيب أبو الفتح ابن الصفار قال : كان الشيخ تاج الدين الكندي يجلس في اللبادين بدمشق على حانوت بالقرب من دارة يجلس فيها بعض الكحالين ، فاتفق يوما أن جاءت امرأة الى الكحال والشيخ تاج الدين جالس عنده فذكرت للكحال مرضا بعينها وأطالت الكلام معه إلى أن أضجرته فقال لها : والله قد أخذت مخي ، فقال له تاج الدين الكندي في الحال : نعم لتطعمه زوجها.
وحكي لي من نوادره أنه أهدي له جديان ، فدخل بهما عتيقه ياقوت ، الذي سمي بعد ذلك يعقوب ، وقد وضع أحدهما تحت ابطه الأيمن والآخر تحت ابطه الأيسر ، وعند الشيخ جماعة فقال له حين رآه : يعيشون لك.
وبلغني أنه دخل إليه طبيبان : أحدهما كحال ، والآخر طبائعي ، فقال للكحال : كم فرقت اليوم عصا؟ فقال الطبائعي كثير ، فقال للطبائعي : أنت مستريح خصومك الموتى.
ومن مهاتراته المستملحة أنه حضر بدمشق في مجلس الوزير ابن شكر ، وفي المجلس أبو الخطاب بن دحية ، وهو ينتسب إلى كلب ، فأورد ابن دحية حديث الشفاعة وقال فيه : ولكني كنت من وراء وراء بالفتح ، فأنكره الكندي وقال : هو بالضم من وراء وراء لا غير فجرى بينهما كلام آل بهما أن سفه عليه ابن دحيه فقال له الشيخ الكندي : نسبت الى كلب فنبحت. (١)
قرأت في التاريخ المجدد لمدينة السلام ، الذي ذيل به رفيقنا الحافظ أبو عبد الله تاريخ بغداد للخطيب وأجاز لنا روايته عنه (٩٧ ـ ظ) قال : زيد بن الحسن بن
__________________
(١) انظر كنز العمال : ١٠ / ٢٨١٧١ ، ١٢ / ٣٤١٧٩ ، ٣٩٠٥٧ ، ١٤ / ٣٩٠٥٨ ـ ٣٩٠٥٩.