أخبرني شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن أبي مسلم قاضي الرقة ، بالرقة ، قال : كان أتابك زنكي حين قتل وحمل الى الرقة قد دفن في مشهد علي بن أبي طالب عليه السلام داخل الباب على يمين الداخل والمكان معروف ، فأرانيه حين حكى لي هذه الحكاية ، قال : وكان بالمشهد قيم أعجمي (٢١٥ ـ و) يقال له ببنار ، وكان صالحا فاتفق ليلة النصف من شعبان أن رأى في المنام كأنه خرج من البلد وجاء الى المشهد فرأى على بابه ثلاثة أفراس يمسكها عبد أسود ، قال : فدخلت المشهد فرأيت ثلاثة رجال ، فقلت : من أنتم؟ فقال أحدهم : أنا علي بن أبي طالب وهذان الحسن والحسين ، ثم سألني عن القبر فقلت هذا قبر سلطان عظيم ، فقال لي : مه السلطان العظيم هو الله ، فقلت هذا قبر أتابك زنكي الشهيد ، فقال لي : تمضي إلى ولده محمود وتقول له : نحن جعلنا هذا المكان معبدا لم نجعله مدفنا ، فقل له : ينقله من هاهنا ، قال : ثم مشوا الى المكان الذي يقال فيه الكف ، ودعوا ثم قال لي : يا ببنار أنت ما تقول له ، نحن نقول له ، قال : فأصبح ببنار ودخل الى جدي القاضي موفق الدين أبي مسلم فحكى له ما رأى وعنده جماعة ، فأخذ جدي وكتب كتابا الى نور الدين محمود يخبره فيه بصورة المنام قال : فلم يصل إليه الكتاب حتى سير نور الدين محمود كتابا الى القاضي أبي مسلم يقول له : اني رأيت ليلة نصف شعبان علي بن أبي طالب وولديه الحسن والحسين عليهم السلام ، وقالوا لي : تنقل أباك من المشهد فنحن جعناه معبدا لم نجعله مدفنا وقد سيرت اليك أربعة آلاف قرطيس تبني له تربة مثل ترب الفقراء والمساكين ، لا مثل ترب الملوك والسلاطين ، وتنقله اليها ، قال : فبنى له حظيرة مختصرة (٢١٦ ـ ظ) بالقرب من باب المشهد ، ونقله اليها ، ورأيتها بالرقة وهي قصيرة البنيان.
سمعت قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم يقول : قد رؤي أتابك زنكي بعد موته في المنام ، فقيل له : ما فعل الله بك؟ قال : غفر لي بفتحي الرّها.
زنكي بن مودود بن آق سنقر
أبو سعيد الملقب عماد الدين صاحب سنجار وهو حفيد المقدم ذكره.
ويلقب الملك العادل.