التاريخ الحافل تختصره في هذه السورة كلمة واحدة هي كلمة :
]قل[
ومن دون الاستجابة لهذا الأمر الصريح لن تستطيع التعالي في سماء التوحيد ، لان التوحيد ذاته كسر قيود الشرك ، وفك أغلال الضلال ، لا بد ان تنهض إرادتك في ضميرك ، وتتبلور روح التحدي في عقلك ، وتنبعث فطرتك النقية الاولى من تحت ركام الجهل والغفلة والنسيان ، لا بد لك من ذلك كله إذا أردت معرفته ، والزلفى اليه ورضوانه ، وجنته.
]هو[
انه الغيب الذي لا ولن تحيط به علما ، يكفيك من شعاع نوره قبس يغمر وجودك ثم لا تكاد تتحمله. انه الله الذي احتار فيه قلبك ، فهو قريب منه يراه في كل شيء ، ولكنه في ذات الوقت بعيد لا يعرف ذاته.
وجاء في حديث مأثور عن الامام الباقر ـ عليه السلام ـ في معنى «هو» قال : «اسم مشار ، ومكنى الى غائب ، فالهاء تنبيه عن معنى ثابت ، والواو إشارة الى الغائب عن الحواس ، كما أن قولك «هذا» إشارة الى الشاهد عند الحواس» (١)
انه الذي تهفوا إليه نفوسنا ، وتتعلق بحبه أفئدتنا ويهفوا الجميع الى قبسات وجهه الكريم ، ويتعطشون الى كأس محبته ، وورد قربه.
انه بكلمة واحدة «هو» نشير اليه دون أن نحدده أو نقيّده ، أو ندعي معرفة
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار / ج ٣ ص ٢٢١.