أولئك الذين يقصدون العناد والجحود والمحاربة ، فإنّهم سوف يلقون جرّاء محاددتهم الإهانة والذل المركّز الذي ينضغط في النفس حتى لتكاد تنفجر ، «أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ» (١)
(كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)
ممّن ساروا بسيرتهم تجاه ربّهم ورسلهم. وفي المنجد : كبته لوجهه أي صرعة ، وأهلكه وأخزاه ، وأذلّه ، يقال : كبت الله العدو أي أهانه وأذلّه وردّه بغيظه ، ويقال : كبت فلان غيظه في جوفه أي لم يخرجه. (٢) إذا فالعزّ والكرامة لا يأتيان بمخالفة حدود الله لأنّ ذلك لا يورث إلّا الذل والهوان في الدنيا نتيجة لاتباع النظم والقوانين الفاسدة والضالة ، بما فيها من معطيات سلبية ، وغضب الله وحربه ، وفي الآخرة نتيجة عذابه المهين الذي قد ينزله عليهم بأيدي عباده المؤمنين.
وهذه الحقيقة ليست خيالا ولا وهما ، بل هي واقع له شواهده في التاريخ والواقع ، يهدي إليه العقل وتؤيّده الآيات الواضحة.
(وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ)
بالغة الحجة ، ظاهرة الدلالة ، تنذر الإنسان ذا اللب من محادة الله ، وتهديه إلى ضرورة الإيمان به وبرسوله ، فمن اتعظ بها انتفع وعزّ ونجى من كبت الله ، وإلّا وقع في العذاب والذل.
(وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ)
والملاحظ أنّه قال في الآية الماضية «عَذابٌ أَلِيمٌ» وهذا يتناسب مع العقوبة
__________________
(١) المجادلة / ٢٠
(٢) المنجد / مادة كبت