ويقصد بذلك ان يتوفر الشافعية على الاشتغال بالفقه ، فيكثر الفقهاء منهم ، ويشتغل القضاة بالقضاء ، فيقل اشتغالهم بالفقه ويتعطلون.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب ، وأنبأنا عنه أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن القاضي وغيره قال : كان عثمان بن جمال الملك بن نظام الملك رئيس مرو ، وهناك شحنة مرو مملوك السلطان بردي فقبض عليه لأمر جرى منه ، ثم أطلقه ، فجاء مستغيثا ، فنفذ السلطان تاج الملك ، ومجد الملك وجماعة أرباب دولته وقال لهم : أمضوا الى خواجه حسن وقولو له : إن كنت شريكي في الملك فلذلك حكم ، وان كنت تابعي فيجب أن تلزم حدك ، وهؤلاء أراذل قد استولى كل واحد منهم على مملكة ، فواحد ببلخ ، وواحد بهراة ، وواحد ببلد كذا ، ثم لا يقنعهم ذلك حتى يتجاوزوا (٢٩٨ ـ و) حدودهم في سفك الدماء ؛ وقال للأمير بكبرد ، وكان من خواصه كن معهم حتى لا يحرفوا ما يقول.
فأتوا الى نظام الملك وقالوا له ، فقال : نعم ، قولوا له : أما علم أنني شريكه في الملك ، أو ما يذكر حين قتل أبوه كيف قمت بتدبير أمره ، واعلموا أن ثبات القلنسوة معذوق بفتح هذه الدواة ، ومتى أطبقت هذه ، زالت تيك التي يقر ؛ فقال له الرسل : قد كبرت يا مولانا وقد ضجرت ، وقد أثر فيك الأمران وعدلا بك عن الرأي الذي الذي ما زالت الآراء معه ، فقال لهم : قولوا للسلطان عني ما أردتم ، فقد دهمني ما لحقني من توبيخه ، فلما خرجوا من عنده قالوا : الصواب أن لا نذكر ما قاله ، وعرفوا بكبرد حرمة مكانه ، وسألوه أن لا يخبر بما جرى ، فلم يفعل ، ومضى بكبرد من حالة ، وأخبر السلطان ، وبكر الجماعة فوجدوا السلطان جالسا ينتظرهم فقال لهم : ما قال لكم؟ قالوا : قال أنا وأولادي عبيد دولته ، فقال السلطان : لم يقل هكذا ، ثم وقع التدبير في أمره (١).
وقال : في ليلة السبت عاشر شهر رمضان قتل نظام الملك في نهاوند ، بين نهاوند والسحنة (٢) وهو سائر مع العسكر الى بغداد ، وذلك بعد أن فرغ من أفطاره ،
__________________
(١) هناك من يتهم ملكشاه بتدبير عملية اغتيال نظام الملك من قبل الحشيشية.
(٢) موضع بين بغداد وهمذان وهو أقرب الى همذان ـ معجم البلدان.