وتفرق من كان على طبقه من العلماء والفقراء والأجناد ، وحمل في محفة الى مضرب حرمه ، فأتاه صبي ديلمي في صورة مستميح أو مستغيث ، فضربه بسكين كانت معه فقضى عليه ، وهرب ، فوقع في عثرة عثرها بطنب خيمة فأدرك (٢٩٨ ـ) فقتل ، وركب السلطان ملك شاه الى مخيم نظام الملك ، وسكن معسكره (١).
وحكي أن أحد الصالحين قال نظام الملك وهم في الإفطار : رأيت في بارحتنا كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاك وأخذك فتبعته ، فقال ارجع أيها الرجل فلهذا أبغي ، فأولها.
نقلت من خط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين وأنبأنا به عنه رفيقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال : وفي ليلة السبت عاشر شهر رمضان ـ يعني من سنة خمس وثمانين ـ قتل نظام الملك ، قوام الدين ، أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق رضي الله عنه قريبا من نهاوند ، وهو سائر مع العسكر في محفته ، فضربه صبي ديلمي في صورة مستميح أو مستغيث ، بسكين كانت معه ، فقضى عليه ، وأدرك فقتل ، وجلس لعزائه عميد الدولة ابن جهير ببغداد (٢).
وفضائله المشهورة في كل مكان وزمان تنوب عن لسان مادحه ، وأفعاله الصالحة من المدارس ، والربط ، والقناطر ، والجسور ، والصدقات الدارة باقية على الأيام.
وتحدث الناس أن قتل نظام الملك كان برضى من السلطان وتدبير تاج الملك أبي الغنائم ، وإشارة تركان خاتون لانهم كانوا عزموا على تشعيث خاطر المقتدي ، وكان نظام الملك يمنعهم من ذلك (٣).
قال ابن الحصين : وبلغني أن أبا نصر الكندري (٤) لما عزل عن وزارة السلطان ،
__________________
(١) انظر تاريخ آل سلجوق ـ ط. القاهرة ١٣٠٠ ه : ٥٩ ـ ٦٠ مع تفاوت كبير.
(٢) وزير المقتدي وصهر نظام الملك. انظر كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية : ١٩٣ ـ ١٩٤.
(٣) أراد السلطان ملكشاه الغاء الخلافة العباسية أو على الاقل نقل الخليفة من بغداد الى مكة. انظر مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٢١.
(٤) وزير السلطان طغر لبك.