والعروض والقوافي والحساب والهندسة والشعر والحديث والاخبار وهو في كل هذا اما في الغاية واما في الوسط ، واما على بن عيسى فعلى الرتبة في النحو واللغة والكلام ، والعروض ، والمنطق بل أفرد صناعة ، وأظهر براعة ، وقد عمل في القرآن كتابا نفيسا ، هذا مع الدين المتين ، والعقل الرصين ، واما ابن المراغي ما يلحق هؤلاء مع براعة اللفظ وسعة الحفظ ، وقوة النفس وظل الدين وغزارة النفث ، وكثرة الرواية.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قال : أخبرنا أبو طاهر السلفي ـ اذنا ان لم يكن سماعا ـ قال : أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال : سمعت الصوري ـ يعني أبا عبد الله الحافظ ـ يقول : حدثني من أثق به عن أبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي أنه قال : حضرت مجلس أبي بكر ابن مجاهد أول ما حضرت وهو يملي ، فجلست في أخريات الناس ، فقال المستملي : واجعلها عليهم سنين كسنيّ يوسف ، فقلت : كسني (١) يوسف فلم يفهم عني ، فقمت قائما فأعدت القول ، فقال ابن مجاهد : من هذا فأشاروا الي فتطاولت ، وكان أبو سعيد دميما (٢٦٨ ـ ظ) حقير المنظر ، فقلت : كسني يوسف ، فاستدعاني وقربنى اليه ، فتحصلت في أعلى المجلس بعد أن كنت في أدناه ، وقال الصوري في هذا المعنى :
اذا المرء لم يعرف له قدر مثله |
|
فأصبح مغموضا له حق فضله |
فلا بأس أن يثنى بصالح فعله |
|
وما خصه ذو الفضل منه بفضله |
قرأت بخط أبي محمد الحسن بن فارس بن زكريا اللغوي ، مما أخذه عن أبي الحسين بن فارس ، قال : وعرض على الشيخ أبي الحسين تفسير الابيات في كتاب اصلاح المنطق لابن السكيت ، من تصنيف أبي محمد بن أبي سعيد السيرافي ، فنظر فيه مليا ثم ارتضاه ، وأثنى على أبي محمد ، ثم قال : أنا أفضله في الغريب على أبيه أبي سعيد رحمه الله ، ومدة مقامي بمدينة السلام كان عندي ، فقيل للشيخ أبي
__________________
(١) كتب ابن العديم فوق الياء «قف».