التبريزي اللغوي ، قال : أنشدني الأمير أبو الفتح بن أبي حصينة بحلب لنفسه من قصيدة :
كأن الفتى يرقى من العمر سلما |
|
إلى أن يجوز الأربعين فينحط (١) |
وهذا البيت من قصيدة من غرّ قصائده (٢٥٢ ـ و).
وهذه أربع قصائد قالها في مدح معز الدولة ثمال بن صالح ذكر أبو العلاء بن عبد الله بن سليمان أنه عملهن في ليلة واحدة باقتراحه ذلك عليه لغرض جرى منه ، ولما أصبح وأنشدهن بحضرته أجزل له من العطاء وأحضر له في جملته سفطا من ملابسه السنية فلبس ما فيه بين يديه ، وأقطعه قرية تعرف بأعزال زيادة على ما كان معه من الإقطاع في ذلك الوقت ، وذلك في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة وهذه الأولى منهن :
أبى قلبه من لوعة الحب أن يخلو |
|
فلا تعذلوا من ليس يردعه العذل |
ولا تطلبوا مني مدى الدهر سلوة |
|
فما يرعوي عنكم فؤادي ولا يسلو |
ضنيت فلو أني على رأس شعرة |
|
حملت ومالت لم ينمها بي الحمل |
(٢٥٢ ـ ظ)
كأن الليالي طالبتني لقربكم بتبل (٢) |
|
فلما بنتم ذهب التبل |
خليلي ما للربع يخلو وليس لي |
|
فؤاد من التبريح يخلو كما يخلو |
وما لي إذا ما لاح ايماض بارق |
|
من العلم النجدي داخلني خبل |
لئن كان جهلا ما بقلبي من الهوى |
|
فمن لي بقلب لا يفارقه الجهل |
ومن لي بوصل من أمامة بعد ما |
|
تقطع منها اليأس أن يرجع الوصل |
أيا قلب كم لا تستفيق من الجوى |
|
وكم أنت لا يجلو غرامك ما تجلو |
تحنّ إلى نعم وجمل كليهما |
|
وما أنعمت نعم ولا أجملت جمل |
فأقسم لو لا أنت لم يخلق الجوى |
|
ولو لا أبو العلوان لم يخلق الفضل |
فتى أتعب البيض الصوارم في العلى |
|
وجرب فيها ما يمرّ وما يحلو |
__________________
(١) ديوانه : ١ / ١٠ ـ ١٣.
(٢) التبل : الذحل والعداوة. النهاية لابن الاثير.