ومما يدل أن هذه الواقعة كانت مع معز الدولة ، أني قرأت في ديوان شعر أبي الفتح بن أبي حصينة ، الذي جمعه أبو العلاء بن سليمان أبياتا مدح بها أبا العلوان ثمال بن صالح ، يذكر فيها غيبة غابها في عمارة داره التي عمرها بحلب ، وكان قد تأخر عن الخدمة في الحضور بحضرته أياما عدة :
وقفنا فكم هاج الوقوف على المغنى |
|
غليلا دخيلا من لبينى ومن لبنى |
وعجنا عليه منذ عشرين حجة |
|
نقضت فما عجنا على الحلم مذ عجنا |
أربع التصابي قد فنيت وحبنّا |
|
لأهلك لا يبلى بلاك ولا يفنى |
كأنك تلقى ما لقينا من الهوى |
|
وتضنى لفقد الظاعنين كما نضنى |
سألناك لو أخبرتنا أين يممو |
|
أوعس الحمى الأقصى أم الأوعس الأدنى |
أم الحيّ لما أكدت المزن يمموا |
|
ثمالا فشاموا من أنامله المزنا |
لقد نجعوا ربعا خصيبا من الندى |
|
وصاروا إلى من يمنح المدن لا البدنا |
فتى كرم أفنى الصوارم في الوغى |
|
ضرابا وأفنى بالطعان القنا اللدنا |
(٢٥١ ـ ظ)
يد لك من كلتي يديه على الغنى |
|
فيسرك في اليسرى ويمنك في اليمنى |
هو البحر إلا أننا لا نرى له |
|
سوى موقرات العيس من ماله سفنا |
نظمت لأسنى الخلق مدحا وجدته |
|
سنيا فأهديت السنى إلى الأسنى |
أبا صالح إن كنت في القول محسنا |
|
فإنك قد جازيتني عنه بالحسنى |
وأعديتني بالجود حتى تركتني أجود |
|
فأفني مكسبي قبل أن أفنى |
تشاغلت أبني فيك مدحا وأبتنى |
|
ففيك الذي أبنى ومنك الذي يبنى |
إذا نحن جدنا أو نجحنا بنعمة فمنك |
|
ومما جدت ذاك الذي جدنا |
ومن شكر القوم الألى منك رزقهم |
|
فإنك بالشكر الذي شكروا تعنى |
إذا المرء أولى الفضل من فضل غيره |
|
فمو ليه أولى بالثناء الذي يثنى (١) |
أخبرنا أبو يوسف يعقوب بن محمود الساوي بالقاهرة قراءة عليه قال : أخبرنا الحافظ أبو طاهر السّلفي ـ إجازة إن لم يكن سماعا ـ قال : أنشدنا أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الحسن التنوخي الحلبي ببغداد في مجلس أبي زكريا
__________________
(١) ديوانه : ١ / ٥٠ ـ ٥١.