ضحكا وقال : قم حفظك الله من فوقك ومن تحتك ، وعن يمينك وعن شمالك حتى ترجع إليّ ، فقام حذيفة مسرورا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى القوم لا يحس شيئا مما كان يجد ، حتى خالط عسكرهم وجالسهم ، ثم أقبل فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر.
قال وأخبرني الوليد (٧٩ ـ و) بن مسلم قال : أخبرني عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه زيد بن أسلم أنه أخبره قال : قال رجل لحذيفة : أشكو الى الله صحبتكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانكم أدركتموه ولم ندركه ، ورأيتموه ولم نره ، قال حذيفة : ونحن نشكو الى الله ايمانكم به ولم تروه ، والله ما تدري لو أدركته كيف كنت تكون؟ لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الخندق ليلة باردة مطيرة ، اذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم أدخله الله الجنة ، قال : فو الله ما قام منا أحد ، قال : هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيق ابراهيم يوم القيامة؟ فما قام منا أحد ، ثم قال : هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيقي في الجنة ، فما قام منا أحد ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ابعث حذيفة ، قال : حذيفة ، فقلت : دونك فو الله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا حذيفة حتى قلت : يا رسول الله بأبي وأمي أنت ، والله ما بي أن أقتل ، ولكني أخشى أن أوسر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انك لن تؤسر ، فقلت : يا رسول الله مرني بما شئت فقال : اذهب حتى تدخل في القوم فتأتي قريشا فتقول : يا معشر قريش انما يريد الناس أن يقولوا غدا : أين قادة الناس ، أين رؤوس الناس ، تقدموا ، فتقدموا فتصلوا بالقتال ، فيكون القتل بكم ، ثم ائت كنانة فقل : يا معشر كنانة انما يريد الناس غدا أن يقولوا : أين (٧٩ ـ ظ) كنانة أين رماة الحدق ، تقدموا ، فتقدموا فتصلوا بالقتال ، فيكون القتل بكم ، ثم ائت قيسا فقل : يا معشر قيس انما يريد الناس غدا أن يقولوا : أين قيس أين أحلاس الخيل ، أين فرسان الناس ، تقدموا ، فتقدموا فتصلوا بالقتال ، ويكون القتل بكم ، ثم قال لي : ولا تحدث في سلاحك شيئا.
قال : حذيفة : فذهبت فكنت بين ظهراني القوم أصطلي معهم على نيرانهم ، وأذكر لهم القول الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين قريش ، أين