الصورة الثالثة وهي وجود الطبيعة قبل المادة والكون ، وذلك في حالة أزلية لا ابتداء فيها ، فأرادت إيجاد العالم فأوجدته بخلق مادة بطريقة لا تدركها العقول ، وتصرفت فيها بحكمة وتدبير فنشأت المخلوقات المحيرة للعقول وذلك مما لا ريب فيه. فإذا كان ذلك فلماذا لا نسمي تلك الطبيعة بكلمة الله؟ ولماذا لا نعتبر مفهوم الطبيعة تلك القوانين والخواص التي أودعها الله تعالى في مادة الكون بإرادته الحكيمة ، والتي ظهر منها ( علم الطبيعيات ) ؟
وبعد هذا كله فإن أملي وطيد أن يكون البحث عن الطبيعة قد طُبع على صفحات القلوب الواعية ، فتبرز خاشعة لطبيعة الله ( ذاته ) الحكيمة العليمة التي أبدعت طبائع الكائنات التي تسبح لخالقها العزيز الحكيم.
(ب) أما الصدفة : فهي حدوث شيء ووقوع أمر بغير قصد واختيار ، ولكننا مع ذلك نجد أسباباً وعوامل لحدوث مظاهر تلك الصدفة ونضرب لذلك مثلين :
١ ـ خرج طفل من داره فصادفته سيارة ودهسته. فهذه الصدفة لها أسباب عديدة أهمها : حركة الطفل وجهله أو غفلته في السير ، وكذلك حركة السيارة وغفلة سائقها وتسامحه في مراعاة السرعة المناسبة.
٢ ـ دخل شخص في بناء قديم فتهدم البناء عليه عند دخوله فخر ميتا ، فهذه الصدفة سببها حركة الشخص ووصول تفكك أجزاء البناء إلى نهايته عند وصول الشخص المذكور إليه.
أيها القارئ العزيز : أمعن النظر في المثلين السابقين وفكر في أسباب حدوث الكون ، وسر في ميادينها وانظر بفكرك الثاقب إلى أين يكون المستقر.
ثالثا : ـ خذ عشرة بنسات كلا منها على حدة ، وضع عليها أرقاماً مسلسلة من ( ١ ـ ١٠ ) ، ثم صفّها في جيبك وهزها هزاً شديداً ، ثم