حدثني أبو الحسن البصروي الشاعر قال : رأيت أبا طاهر بن أبي قراط العلوي في المنام وأنا أقول له : ما فعل الله تعالى بك ، وكنت أعلم فساد اعتقاده ، فلم يجبني ، فلما كررت عليه القول وهو على حاله في ترك الاجابة قال لي : دع عنك هذا فقد ضرب الله نيسابور اثنين وسبعين عصا ، وانتبهت ، ففسرته على بعض من يدخل إليّ ممن له بذلك معرفة. فقال : عد يا سيدنا اثنين وسبعين يوما وانظر ما يتجدد بنيسابور. فكان قتل عضد الدولة ألب أرسلان بن داود سلطانها على جيحون في الجانب الشرقي ، وقد عبر لقتال شمس الملك بن بوريخان صاحب سمرقند وبخارى وتلك الاعمال في اليوم الثالث والسبعين من المنام ، وكان ذلك عجيبا ، ويقال إن أهل بخارى وسمرقند وما يتاخمها من الاعمال اجتمعوا بسمرقند لما أظلتهم من عساكر ألب أرسلان ، وكانت عظيمة ، والاكثر يقول : انها قاربت مائتي ألف فارس ، وأن لم يكن لسلطانهم ولهم به قوة ، وبدأ الاجتياح والنهب في الاعمال ، وبات صلحاء الناس بسمرقند في الجامع مدة اسبوع يصومون ويفطرون على الرماد والملح ، ويدعون الله كفايتهم ما قد أظلهم وامر من قد قصدهم ، فلم تنسلخ أيام الاسبوع حتى ورد اليهم خبر قتله ، وأن يوسف أحد أصحاب شمس الملك لما أخذ من قلعة هناك أحضر بين يديه ، فتهدده وتوعده ، ثم ضرب اليه نشابة ، وقال لغلامين اتراكا كانا يمسكانه : خلياه ورماه فلم يصبه ، وعدا اليه يوسف فبرك عليه وجرحه بسكين كانت في خفه جراحة عاش منها ثلاثة أيام ومات (١).
ألب أرسلان ،
ويسمى محمدا أيضا ، بن رضوان بن تتش بن ألب أرسلان بن جغري بك ابن سلجون بن تقاق ، أبو شجاع ، الملقب تاج الدولة ، الأخرس ، وألب أرسلان الذي قدمنا ذكره جد أبيه.
ملك حلب حين مات أبوه رضوان وهو صبي ، وتولى تدبير أمره خادم أبيض كان من خدم أبيه اسمه لؤلؤ (٢٨٨ ـ ظ) ويعرف باليايا ، فلم تتم له سنة حتى قتله غلمانه بالمركز من قلعة حلب ، ووافقهم على ذلك لؤلؤ اليايا.
وكان الثغ لا يحسن الكلام فدعي بالأخرس لذلك. وكان مهوّرا قليل العقل ، سفاكا للدم منهمكا في المعاصي.
__________________
(١) انظر عيون التواريخ : ٢٩٢.